الصحافة _ وكالات
في أول تحرك رسمي، حركت الحكومة المصرية دعوى قضائية تتعلق بالتهرب الضريبي، ضد المقاول والفنان، محمد علي؛ بهدف ملاحقته قضائيا في إسبانيا حيث يقيم، وذلك بالتزامن مع تحريك رئيس الهيئة العامة للترفيه بالسعودية، تركي آل الشيخ، دعوة أخرى ضده.
وأحالت السلطات المصرية رجل الأعمال، محمد علي، إلى نيابة التهرب الضريبي؛ للتحقيق في إخفائه ملايين الجنيهات من أرباحه عند تقديم إقراراته الضريبية السنوية لمصلحة الضرائب.
ووافق وزير المالية المصري على تحريك دعوى قضائية ضد علي، المقاول وصاحب شركة (أملاك للمقاولات)، التي نفذت عدة مشاريع للجيش المصري بمليارات الجنيهات.
وفند محامون وقانونيون تحريك السلطات المصرية دعوى قضائية ضد محمد علي بعد خروجه بشكل رسمي من مطار القاهرة، وتحريك الدعوى بعد الكشف عن عشرات وقائع الفساد ضد رأس النظام.
وجاء تحريك دعاوي قضائية ضد محمد علي، بعدما كشف وقائع فساد متورطا فيها رئيس سلطة الانقلاب عبدالفتاح السيسي، وعدد من قيادات الجيش، ودعا الشعب المصري أكثر من مرة للخروج بمظاهرات حاشدة في شوارع مصر لإسقاط السيسي.
وكانت السلطات المصرية قد فشلت في استعادة العديد من رموز المعارضة بعد استصدار مذكرات توقيف بحقهم من قبل الإنتربول، واحتجازهم في بعض مطارات أوروبا وأمريكا، كالوزير السابق محمد محسوب، والإعلامي أحمد منصور، والناشط السياسي أحمد عبدالباسط، وغيرهم، إلا أنها نجحت في بعض الحالات.
“محاولة يائسة”
واستبعد الحقوقي والباحث القانوني السابق بوزارة التنمية المحلية، حسين صالح عمار، أن تنجح السلطات المصرية في توقيف محمد علي وترحيله بناء على طلبها، قائلا: “المادة الثالثة من اتفاقية مناهضة التعذيب تحظر على الدول تسليم الأشخاص في حال وجود احتمال لتعرض الشخص المراد ترحيله للتعذيب والإيذاء”.
وأضاف “في حال استصدرت السلطات المصرية حكما قضائيا ضد محمد علي لمطالبة السلطات الإسبانية بترحيله، يستطيع علي أو من يمثله قانونا أمام الجهات الإسبانية إثبات كيدية الطلب، وأنه نتيجة معارضته للسلطات المصرية وكشفه عن وقائع فساد قامت بها قيادات عليا في مصر”.
وأردف: “وفِي حال إقدام سلطات الدول الديمقراطية على ترحيل مقيم على أراضيها متعللة بأسباب “الأمن القومي” فإن الترحيل لا يكون بتحديد وجهة إجبارية للشخص، ويقع اختيار الوجهة القادمة عليه وحده وفق المتاح له من دول يستطيع الذهاب إليها، أو لديه تأشيرة دخول لها، أو إقامة أو مسموح له بدخولها دون فيزا مسبقة”.
وأرجع عمار سبب تحريك دعوى تهرب ضريبي ضد علي، وليس دعوى سب أو تحريض على العنف، “حتى تنتفي عنها الصبغة السياسية شكلا، لكنها لن تجدي نفعا؛ نظرا لأن ظهور الاتهامات كانت في وقت لاحق لنشاطه المعارض، وكشفه عن وقائع الفساد بعد خروجه من مصر هو وأسرته بشكل قانوني من مطار القاهرة الدولي.”
“حسين سالم ..ليس ببعيد”
من جهته، وصف رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى المصري سابقا، عز الكومي، تحريك دعوى قضائية ضد محمد علي “بالساذجة”، قائلا: “أعتقد أن هذا التصرف أحمق؛ لأنه ما الذي جعل وزارة المالية تتستر على تهرب محمد علي كل هذه المدة”.
وأوضح أن “القضاء الإسباني لن يلتفت إلى أحكام قضاء الانقلاب؛ لأن النظام الانقلابي أصبح معروفا في العالم بأنه نظام فاسد وسجله أسود في مجال حقوق الإنسان”.
واستبعد “أن تقوم السلطات الإسبانية بتسليم محمد علي على اعتبار أنه معارض للنظام الانقلابي، وهناك سابقة بأن القضاء رفض تسليم رجال الأعمال الهارب (سابقا) حسين سالم، بالرغم مما اقترفه بحق مصر وشعبها من جرائم”.
وأشار إلى “أن تعهد آل الشيخ بترحيل محمد علي هراء. وبحكم خبرتي في إسبانيا الممتدة لأربع سنوات مديرا للمركز الإسلامي بمدينة بلنسية، فهي بلد قانون، ومنظمات المجتمع المدني، خاصة الحقوقية منها، ناشطة للغاية، ولها موقف من نظام الانقلاب بسبب مقتل ريجيني”.
“اللجوء أو التجنس”
واستهجن المحامي والحقوقي عبدالرحمن عاطف استغلال النظام المصري للقضاء في ملاحقة المعارضين المصريين في الخارج، قائلا: “النظام يستغل القضاء كأداة لقمع المعارضة في الداخل والخارج أيضا، كما حدث مع الوزير السابق محمد محسوب، الذي أوقف في إيطاليا من خلال مذكرة للإنتربول، لكنهم لم يستطيعوا إدانته”.
وفي حديثه قال إن أمام محمد علي خيارين، الأول طلب اللجوء السياسي لدى دولة إسبانيا، والثاني حصوله على الجنسية الإسبانية”، مشيرا إلى “تحول العديد من السفارات المصرية حول العالم لنقاط استخبارات لرصد المعارضة”.
لكنه استبعد في الوقت ذاته قيام إسبانيا بتسليم محمد علي، قائلا: “هي محال لنظام السيسي لتحجيم حركة علي، والاتحاد الأوروبي لن يجازف بتسليم معارضين مصريين للنظام نهائيا؛ تجنبا لأي إحراج دولي، خاصة أن علي أصبح محط أنظار العالم، بل إن إسبانيا معنية بحمايته من محاولة اغتيال لن يجرؤ نظام السيسي على فعلها”.