الصحافة _ كندا
مرة أخرى، أثار مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة، موجة من الانتقادات بعد تصريحات اعتُبرت غير دقيقة وخارجة عن النص الدستوري، حين تحدث عن الجهات التي تملك حق إحالة القوانين على المحكمة الدستورية، متجاهلًا – بشكل صادم – الملك محمد السادس، الذي ينص الدستور صراحة على أولويته في هذا المجال.
بايتاس، خلال ندوته الصحفية الأسبوعية عقب اجتماع مجلس الحكومة يوم الخميس 12 يونيو 2025، وأثناء رده على سؤال حول مشروع قانون المسطرة الجنائية، أكد أن “الاختصاص في إحالة أي نص قانوني على المحكمة الدستورية يعود لرئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، وعدد معين من الأعضاء”، متوقفًا عند هذه الجهات، دون أن يذكر الملك، الذي نص عليه الفصل 132 من الدستور في مقدمته، قبل أي سلطة أخرى.
هذا السهو أو التجاهل لم يمر دون أن يثير استغراب المتابعين، خاصة أن الوزير يتحدث باسم الحكومة في ندوة رسمية، وبحضور الصحافة الوطنية، ما يُفترض فيه التحري والدقة في كل ما يتعلق بالمرجعية الدستورية، خصوصًا عندما يتعلق الأمر باختصاصات رئيس الدولة.
الفصل 132 من دستور المملكة واضح وصريح: “يمكن للملك، وكذا لكل من رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، وخُمس أعضاء مجلس النواب، وأربعين عضوا من أعضاء مجلس المستشارين، أن يحيلوا القوانين أو الاتفاقيات الدولية، قبل إصدار الأمر بتنفيذها، أو قبل المصادقة عليها، إلى المحكمة الدستورية، لتبت في مطابقتها للدستور”.
ما صرح به بايتاس لا يسقط فقط في خطأ شكلي، بل يُظهر ضعفًا في استيعاب هندسة الدستور المغربي، الذي يضع الملك في صلب المنظومة الدستورية، باعتباره الضامن الأسمى لحسن سير المؤسسات، والفيصل في ما يتعلق بتوازن السلطات.
والخطير في المسألة أن الوزير، بدل الاكتفاء بإعطاء تصور سياسي أو تقديري، ذهب نحو تقييد “حق الإحالة” على المحكمة الدستورية بحصره في جهات دون أخرى، بل وصرّح بأن “لا يحق لأي كان خارج هذه الأطراف أن يدلي بدلوه”، وهو تعبير يتناقض بشكل مباشر مع ما يخوله الدستور للملك، في أعلى مرتبة ضمن الهرم الدستوري، بل ويُوحي – عن قصد أو جهل – بانتقاص ضمني من سلطته الدستورية.
وتأتي هذه الزلة لتُضاف إلى سلسلة من الإخفاقات التواصلية التي تورط فيها بايتاس خلال خرجاته الإعلامية، وهو ما يُعيد فتح النقاش حول كفاءة من يشغلون مواقع الناطق الرسمي باسم الحكومة، ودورهم في تقديم قراءة سليمة ومُؤسَّسة للدستور، دون تحريف أو مزايدة أو اجتزاء.