الصحافة _ مصطفى طه
“الحاجة”، كلمة مخيفة، تعني الفقر الذي ينخر بقوة، واقع المجتمع المغربي، والمنتشر بعمق في جميع ربوعه، من طنجة إلى الكويرة، فحسب رأي المختصين في علم الاجتماع، أن الفقر ظاهرة سلبية، وبؤس اجتماعي، ناتج عن اللاتوازن في المساواة، والذي يشجع على التفاوت الاجتماعي، في فرص الاندماج، في الأقطاب الأساسية الاجتماعية والاقتصادية، وتنحصر مفاهيمه، في أساليب كثيرة، نخص منها الاقصاء، والتهميش، والجهل، والأمية، وأطفال الشوارع، والبطالة، والتسول… الخ.
ووفق التقارير الوطنية، حول السياسة السكانية، أن أكثر من 780.000 أسرة مغربية، تعاني من الفقر المدقع، من خلال الأحياء الهامشية، و أن الدخل الفردي، عرف انخفاضا كبيرا، بسبب فقدان الشغل، والبطالة، والجفاف، والأمراض المزمنة، خاصة ساكنة العالم القروي، التي تعاني الفقر، في وسط، وشرق، وغرب البلاد.
ويمكن اعتبار افة البطالة، من الأسباب الرئيسية، في انخفاض دخل الأسر المغربية، لأن الأجر الشهري، يعتبر المورد الوحيد، في تدبير حاجيتها المعيشية.
ومن خلال هذه المعطيات، التي تكشف وبالملموس أن 80 بالمائة، من الأسر المغربية، تعيش فقرا مهولا، وهي إشكالية أصبحت جد عادية، لدى الرأي العام الوطني.
وبالنسبة للمهتمين بالمجال الاقتصادي، فان وضعية الفقر، و التي انتشرت بقوة في بلدنا الحبيب، على درجات ، و بأسلوب تصاعدي ، لم تعتمد فقط على مؤشرات التعداد السكاني، و انما ارتكزت على الانعدام التام للبرامج الاستراتيجية، و الأفاق المستقبلية المنظمة، من طرف الحكومة المغربية، التي يرأسها سعد الدين العثماني، و الى عدم ترجمة المشاريع، نحو المجالات المنتجة، التي تولد الفاعلية، والتوازنات، و كذلك إشكالية نهج القطاع الخاص، سياسة اللامبالاة، و التهرب على تحمل مسؤوليته الوطنية، كقاعدة مهمة في الميدان الاقتصادي الداخلي، بالإضافة الى الفساد المتفرع الأجناس، الذي عرفه المغرب، سياسيا، و إداريا، و ماليا.
رغم السياسة التقشفية، التي تعتمدها الحكومة، ما زال مؤشر الفقر، في خط تصاعدي، والتي وضعت المغرب، بثرواته اللامادية البشرية، والمادية السياحية، والفلاحية، والبحرية، والبرية، في مصاف الدول الفقيرة.
بلدنا العزيز، حباه الله بموقع استراتيجي جد مهم، يتوفر على أراضي صالحة للزراعة، بالملايين الهكتارات، ورغم ذلك، مازال يستورد مواد غذائية من الخارج، من حبوب، ولحوم، وألبان…
المغرب، بلد بحري بامتياز، لامتلاكه لشريط بحري طويل وعريض، من خلال البحر الأبيض المتوسط في الشمال، والمحيط الأطلسي في الغرب، في جوفهما، ثروة سمكية، من كل الأصناف، قل نظيرها على الصعيد العالمي، ورغم ذلك، مازال المواطن، يكتوي من اثمنة الأسماك المرتفعة.
وطننا الحبيب، غني ومتنوع المناجم، حيث يملك 60 في المائة، من الاحتياط العالمي، من مادة الفوسفاط، وحسب الخبراء، أن هذه المادة، ستتحكم في العالم مستقبلا، غذائيا وتكنولوجيا، بالإضافة الى المعادن الأخرى، كالصخور النفطية، والفضة، والذهب، والحديد، والنحاس، والحامض الفسفوري.
المغرب، بلد غني بثرواته البشرية، لأن مجتمعه، مجتمع شاب، وبثرواته الزراعية، والمائية، والبحرية، والمعدنية، رغم كل هذه الامتيازات، يبقى المغرب، مصنف ضمن الدول الفقيرة، وسيبقى يواجه مشاكل، اجتماعية، واقتصادية مختلفة، ومتشابكة، تشل طموحه للسير الى الأمام.
التفاوت في العدالة المجالية، مستمر رغم الاستثمارات الهائلة، التي تصب في تقليص الفوارق الطبقية، والتخفيف من سلبياته، الاقتصادية، والاجتماعية، ورغم الموارد البشرية، والطبيعية، التي يتوفر عليه المغرب، يبقى السؤال الملح، والمطروح، لماذا بلدنا غني بثرواته، فقير في واقعه؟