الصحافة _ كندا
بعد خمسة عشر عامًا على ما سُمِّي بـ”الربيع العربي”، اتضح بما لا يدع مجالًا للشك أن تلك الموجة لم تجلب لا حرية ولا كرامة ولا ديمقراطية، بل زرعت الفتنة والاقتتال، وأسقطت دولًا عريقة في دوامات من الدم والدمار. ليبيا الغنية بالنفط، سوريا بتاريخها العريق، العراق بحضارته، واليمن بأرضه الطيبة، كلّها نماذج شاهدة على أن الهدم لا يبني أوطانًا، والفوضى لا تزرع إلا الخراب.
المغرب، وبفضل حكمة وتبصر جلالة الملك محمد السادس، وبروح تمغربيت التي تجعل الولاء للوطن قبل أي شيء، استطاع أن يواجه رياح ذلك الزمن العاصف بروية وعقلانية. فجاء خطاب 9 مارس 2011 علامة فارقة في تاريخنا، وفتح دستور فاتح يوليوز أفقًا جديدًا لمسار الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي، في إطار الوحدة الوطنية والاستقرار. لقد مررنا من العاصفة بسلام، لا بالصدفة، بل بحكمة ملكية راسخة وبوعي شعب متمسك بأمن بلده.
إن الاستقرار في المغرب كان عقدًا غير مكتوب بين العرش والشعب.. عقد الوفاء والولاء، عقد تمغربيت الأصيلة التي تعرف أن الكرامة لا تُصان إلا في وطن آمن. وهو الاستقرار الذي سمح لبلادنا أن تواصل البناء، وأن تعزز مكانتها بين الأمم بندية واقتدار، رغم شح الموارد ومناورات الأعداء.
اليوم، ونحن ننظر لما يعانيه أشقاؤنا من طائفية، دماء، تدخلات أجنبية، وتشريد، نقول من القلب: الحمد لله على نعمة الاستقرار. هذه النعمة التي بها نستطيع أن نحتج، أن نطالب بالإصلاح، أن نحلم ونبني، لأن الأمن هو الشرط الأول لكل حرية ولكل كرامة.
فلْيكن واضحًا أن تمغربيت تعني أن الاختلاف لا يفسد للود قضية، وأن الحوار هو سلاحنا، وأن حب الوطن هو بوصلة مسيرتنا. ومن يسعى إلى الفوضى أو يوقظ الفتنة إنما يطعن الوطن في قلبه، ولعنة الله على موقظ الفتنة.
إن المغرب، بقيادة جلالة الملك ووحدة شعبه، سيبقى حصنا للأمن والاستقرار في محيط مضطرب، وواحة أمل تبني المستقبل بالعمل، لا بالشعارات. فتمغربيت هي عهد، والاستقرار هو جوهر هذا العهد، والملك هو رمز وحدتنا وضمان استمراريتنا.