بقلم: مراد بورجى
هل قرر عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة عقد اجتماع المجلس الوطني للحزب بعد طول انتظار جعله يائسًا من استجابة الملك محمد السادس لطلب استقباله بمناسبة انتخابه أمينًا عامًا لحزب الأصالة والمعاصرة، ثاني قوة حزبية في المغرب؟.
وهل تسرُّبْ خبر استقبال الملك لوهبي بفاس، كان وراء إلغائه؟
وهل كان يعلم وهبي من قبل أن الملك سيقوم باستقباله غدًا الثلاثاء بالدار البيضاء.
أسئلة فرضت نفسها بعد أن تأكد توصل أعضاء المجلس الوطني لحزب البام بإستدعاء لحضور اجتماع المجلس الوطني في تحدي لفيروس كورونا وذلك يوم الأحد 29 مارس المقبل لانتخاب أعضاء المكتب السياسي وهياكل المجلس الوطني.
هذا الاجتماع سبق لعبد اللطيف وهبي ورئيسة المجلس الوطني أنّ اتفقا على تأجيل لغاية يوم 07 مارس الماضي أي حوالي شهر من انتخاب وهبي على رأس الحزب حتى يتسنى له لقاء الملك كما جرت به العادة.
إلا أنه بعد توصل أعضاء المجلس الوطني المنتخب بالاستدعاءات بأيام قليلة حتى تفاجئوا بتوصلهم ببرقية ثانية تخبرهم بقرار تأجيل هذا الاجتماع إلى أجل غير مسمى.
تقول البرقية أن هذا التأجيل جاء بسبب ضهور فيروس كورونا بالمغرب واحترامًا لقرار اللجنة الوطنية للقيادة التي تم إحداثها ببلادنا ودعوتها لتأجيل جميع التظاهرات والاجتماعات المبرمجة.
وأردفت البرقية تقول على لسان فاطمة الزهراء المنصوري رئيسة المجلس الوطني وعبد اللطيف وهبي أن تأخير الاجتماع هذا جاء أساسًا: ” حماية لمناضلاتنا ومناضلينا وكافة شعبنا ووطننا من انتشار هذا الفيروس الفتاك، “أي كورونا” واحترامًا كذلك لتنفيذ توجيهات السلطات الصحية ببلادنا”.
فماذا ما استجد حتى يتجاهل وهبي بصفته أعلى سلطة في الحزب كل هذه الإجراءات الوقائية الصارمة التي فرضتها الدولة، ويتحدى فيروس كورونا “الفتاك” كما قال ويعرض المناضلات والمناضلين وعبرهم الشعب والوطن لفتك مرض كورونا، ويُقرر عقد اجتماع المجلس الوطني في هذه الظروف الخطرة؟!!.
لفهم كل هذا لابد من اعادة قراءة ما قبل المؤتمر
نبدأ بالحرب التي دارت رحاها بين أنصار عبد اللطيف وهبي ومستقبله مدعومًا بفصيل يتقدمهم احمد اخشيشن رئيس حركة لكل الديمقراطيين، وبين بنشماس وشرعيته بتزكية من أمنائه العامين الثلاثة السابقين الذين شاركوا مع فؤاد عالي الهمة “المكلف” في تأسيس الحزب.
هذه الحرب المقصودة خلفت ورائها شرخًا كبير بين القياديين وقواعد الحزب لم يستطيع الصلح المفترض أن يدوم طويلًا ويصمد أمام ما حصل خلال المؤتمر الرابع لحزب الأصالة والمعاصرة من انزلاقات قادت إلى انسحاب جل المرشحين من التباري على رئاسة الأمانة العامة للحزب قبل بداية التصويت، بسبب اتهام حكيم بنشماس الأمين العام المنتهية ولايته وأغلب المرشحين لعبد اللطيف وهبي بالتحكم في النتائج وحسمها لصالحه باعتماد أسلوب الإنزالات، وسياسة الإختيارالآتي من فوق التي كانت تدور في الكواليس.
كان نتيجة ذلك إعادت احياء تيار الشرعية للخلاف من جديد، وإعلان رفضهم الدخول للمكتب السياسي برآسة وهبي من جهة.
ومن جهة أخرى تبرأ بعض البرلمانيين وبعض المناضلين من تصريحات وهبي خلال اعلان ترشيحه حول تحالفه مع حزب العدالة والتنمية في حالة فوزه برآسة الأمانة العامة للبام.
اكثر من ذلك اتهم وهبي وزارة الأوقاف وإمارة المؤمنين بممارستهما للإسلام السياسي تماما كحزب العدالة والتنمية.
وختم قوله وهبي بكون وقف المد الإسلامي الذي جاء الحزب من اجله ما هو إلا نصبة.
هذه التصريحات كلها وخصوصا منها قرار وهبي إدعاء قطع شعرة معاوية مع الدولة أي الهمة، سيُصعِّب على وهبي مهمة الإحتفاظ بأغلبية البرلمانيين الذين يشكلون القوة العددية الثانية التي ورثها من سلفه بالحزب لسبب واحد هو أن أغلب البرلمانيين لا تجمعهم بالحزب لا إديولوجيته ولا أوراقه.
بل إن أغلب البرلمانيين جاؤوا للحزب لخطب ود الهمة ومن ورائه القصر.
كل هذا جعل الحزب لقمة صائغة من قبل أمام عزيز أخنوش الذي كان يستعد للإنقضاض عليها ليفترسها بدعوة بعد أن عين نفسه سنتين من قبل انتخابات 2021 رئيس الحكومة المقبل بقرار من فوق كما يتم التسويق له من خلال نفوذه.
إلاّ أن ضربة الملك المباشرة لأخنوش بآكادير وما صاحبها من تشفي شريحة كبيرة من المجتمع المغربي فيه.
وهي الشريحة التي كانت قد تشن الحروب الشعواء عليه مند سنوات دون جدوى.
هي نفسها الشريحة التي اعتبرت أن تدخل الملك لإعمال القانون وهدم فيلات تابعة لشركة أكوا التابعة للملياردير أخنوش “صديق الملك سابقًا” تبرُّأً للملكية من ادعاءاته، واشارة على نهاية نفوذه استبداده، وردا للإعتبار لها.
وكانت هذه الشريحة الكبيرة من المغاربة تنتظر تدخل الملك مند أن أعطى الضوء الأخضر لإدريس جطو رئيس المجلس الأعلى للحسابات لنشر تقرير من 400 صفحة يُقرِّع في أخنوش ووزاراته ويتهمه بسوء التدبير وتضييع مئات الملايير من جيوب المواطنين سُداً؟
إلاَّ أن كل هذا جعل الخاسر الأكبر هو حزب الأحرار الذي أُسقط عزيز أخنوش على رأس حمامته فتسبب في كسر أجنحتها بتلقيها الضربات تلوى الضربات التي كانت توجه أساسا لأخنوش بدله.
وكذلك تلقِّي مناضلي الحزب وخصوصًا شبابه ضربات أخرى موجعة أكثر هذه المرة حين استبد أخنوش بقراره واختار أشخاص من داخل شركة سهام المملوكة لحفيظ العلمي ليُزِّرهم بإسم الحزب بدل أن يختار مناضلين من داخل الحزب ويُزِّرهم.
فهل تصرفات أخنوش وما تعرض ويتعرض له الحزب بسببه من دمار لا يدفع بمناضلي الحزب الغيورين بالمطالبة باستقالة اخنوش؟.
وهل تعنت أخنوش ووقوفه في وجه ملايين المغاربة الذين يُطابون الملك بإعفائه بسبب زواجه للسلطة والمال أولا، واستفادته المباشرة من الدعم بالملايير كما جاء في تقرير اللجنة البرلمانية في ملف المحروقات التي يترأسها البرلماني بوانو.
وكذلك تقرير جطو المذكور، أو تقرير برلمانيي حزب زيان الذي حررو تقرير خطير يتهم أخنوش بتهم خطيرة. أم مقاطعة الملايين له، وغيرها من الإحتكارات التي يُسيطر عليها أخنوش وما خفي أعضم.
كل هذا لم يستطيع لحد الآن أخنوش أن ينفيه.
لا يهمنا اليوم لا مشاكل أخنوش ولا حتى مشاكل وهبي مع حكماء الحزب، بل ما يهمنا هنا هي أحزاب تضييع بين “الرجلين” بسبب القصر.
فهل قبول الملك استقبال عبد اللطيف وهبي بعد أكثر من شهر على تقديمه للطلب قد يُفرج من أزمة حزب البام ويُيسر على وهبي جمع شتات مناضلي الحزب والسير به نحو رئاسة الحكومة في ظل هذا الفراغ.
وهل من مبادرة من القصر لوقف نزيف حزب الحمامة الذي يتعرض له بسبب تعنُّت وتجبُّر “صديق الملك سابقًا”؟.
خصوصًا خيانته وغدره لحزبهم حينما احتفظ بحقيبة الفلاحة داخل الحكومة رغم خروج الحزب منها للمعارضة.
وإفهام المناضلين أن القصر على مسافة من الأحزاب، وبإمكان مناضلو أن يختاروا بأنفسهم الشخص الذي يريدون.
ظروف إقليمية ودولية تتطلب امرأة شابة وصحراوية تتبنى طرح تسوية ملف الصحراء القريب من تسويته، قد يوصل الحزب لرئاسة الحكومة.
وفي الختام، وماذا ملك البلاد قد فتح الباب على مصراعيه في ملف أخنوش فلا يمكن أن تنتهي أمور أخنوش بهدم الفيلات فقط، بل يجب اتخاذ المتعين أن يُحال على التحقيق في ما قاله فيه زيان وجطو وبوانو، وغيرهم.
