الصحافة _ وكالات
القوات المسلحة الملكية مدرسة حقيقية لإنتاج الكفاءات وتدوير أجيال من القيادات التي راكمت خبرات وتجارب واسعة وقادرة على ضمان استمرارية الإنجاز وفعالية الأداء الذي تمثله هذه المؤسسة العسكرية المتميزة إقليميا وعربيا وقاريا. والفريق محمد بريظ الذي عيّنه جلالة الملك محمد السادس مفتشا عاما للقوات المسلحة الملكية وقائدا للمنطقة الجنوبية، خلفا للفريق أول بلخير الفاروق، هو واحد من هذه الأسماء الكبيرة والمؤهلة التي تجر وراءها سنوات طويلة من التجربة العسكرية المتميزة الكفيلة برفع تحديات المرحلة المقبلة ومواصلة الإصلاحات التي بدأها الفاروق، وتنزيل برنامج تطوير أركان الجيش المغربي بكافة أسلحته ومكوناته.
فالجنرال دو ديفيزيون محمد بريظ، خريج الأكاديمية العسكرية الملكية (سلاح المدرعات)، راكم خبرة عسكرية تمتد لحوالي 43 سنة في مجال إعداد القوات والتكوين. وتسمح له هذه الخبرة بامتلاك معرفة واسعة بكل احتياجات القوات المسلحة الملكية وانتظارات مواردها البشرية على كافة المستويات والأصعدة. وتعد هذه المعرفة الواسعة بالموارد البشرية نقطة قوة مهمة في المجال العسكري تتيح للقادة إمكانية التخطيط الأمثل لكل برامج الإصلاح والتطوير التي أصبحت اليوم قائمة على منطق الجيش الاحترافي. ولعلّ هذا الرهان يمثل في المستقبل القريب أكبر ورش سيشرف عليه الجنرال دو ديفيزيون محمد بريظ، الحاصل على دبلوم من كلية الدفاع الوطني بفرنسا وكذا على ماستر في الدفاع الوطني، بالإضافة إلى شغله مناصب المسؤولية ميدانيا، ولا سيما في اللوائين الملكيين المدرعين الثالث والرابع.
ومن الواضح أن اختيار هذا الرجل الكفء لقيادة القوات المسلحة الملكية في الظرفية الحالية ينطوي بالأساس على رسالة أساسية مفادها ضرورة الاستمرار في برامج تأهيل القوات المسلحة الملكية نحو بلوغ طموح جيش احترافي قادر على استخدام أكثر الأسلحة تطورا وحداثة وعلى التكيف مع كافة الوضعيات القتالية والظروف الجيواستراتيجية مهما كانت خلفياتها أو صعوباتها. ولعلّ خبرة محمد بريظ كضابط بالقيادة العليا في مجال تكوين وتوظيف القوات، وقيادته للمكتب الثالث للقيادة العليا للقوات المسلحة الملكية منذ سنة 2014 تعطيانه هذه القدرة التخطيطية اللازمة من أجل كسب هذه الرهانات ورفع تلك التحديات.
لكن المسؤولية الملقاة على عاتق الفريق محمد بريظ لا تقتصر على هذا الملف فقط، هناك أيضا تحديات أخرى استراتيجية لا تقل أهمية بالنسبة إلى القوات المسلحة الملكية. منها بالأساس العمل على استكمال تأمين الحدود الشرقية للمغرب على مشارف التراب الجزائري، من خلال تحصين بعض المواقع الاستراتيجية المهمة ومنها موقع تيفاريتي الذي أضحى تأمينه داخل خط الدفاع المغربي هدفا استراتيجيا ذا أولوية كبيرة بالنسبة للمغرب. فبعد عمليات التأمين الناجحة التي فرضتها القوات المسلحة الملكية باستخدام الطائرات المسيرة ضد كل من تسوّل له نفسه انتهاك الحدود الآمنة لبلادنا، فمن الضروري اليوم إنهاء مسلسل الخروقات التي تستهدف التراب المغربي على غرار ما حدث في منطقة الكركرات.
وفي هذا الإطار فإن الجدار الدفاعي المغربي الجبار الذي أنهى منذ زمن طويل قدرة ميليشيات البوليساريو على بلوغ المناطق المغربية المأهولة وتهديد الساكنة وارتكاب الحماقات الإرهابية، سيمتد أكثر باتجاه الحدود الشرقية ليقف عند الحدود الجزائرية مباشرة من أجل حسم بعض المهازل الأمنية التي يمارسها بعض عناصر البوليساريو بتعليمات من المخابرات الجزائرية لإعطاء الانطباع بوجود جمهورية وهمية أو سيادة مزعومة على مناطق “محررة”. والحال أن هذه المناطق ستصبح عمّا قريب مقبرة حقيقية لكل المغامرين بعد أن يبلغ الجدار الدفاعي الموقع الطبيعي الذي يجب أن يصله على مشارف الحدود الجزائرية.
المصدر: الدار