بقلم: محمد ولدحلي
في المغرب؛ نسبة تقترب من 30 بالمئة من الشباب لا يدرسون ولا يعملون ولا يتابعون أي تكوين. و82 بالمئة منهم لا يمارسون أي نشاط ترفيهي أو ثقافي أو حتى رياضي.
في المغرب؛ 91 بالمئة من الشباب يرغبون في الهجرة والعمل خارج وطنهم. في المغرب؛ 1 بالمئة من الشباب منخرطون في العمل السياسي، ونسبة لا تتجاوز 15 بالمئة يشاركون في الحياة الجمعوية، ونسبة كبيرة جدا لا تتوفر على تغطية صحية.
في المغرب؛ 70 بالمئة من الشباب مدمنون ومستهلكون للمخدرات.
في المغرب؛ جل الشباب يعانون في صمت، ويصرحون في تقارير محلية وأجنبية، أنهم لم تعد لديهم القدرة على المكوث والعيش في الـمغرب، وهم من حملة الشهادات العليا، ومنهم من لا يزال يتابع دراسته. شباب يجدون أنفسهم على هامش النمو الاقتصادي، مقصيون من الحياة الاقتصادية ومبعدون عنها.
إن الشباب عماد أي بلد وأساسه، على مر العصور والأزمان، وهم المحرك المزحزح لكل تحول مجتمعي والأمثلة عديدة. فلا يجب إنكار أن الشباب المغربي يعيش حالة من الإحباط والتذمر واليأس من الأنساق الاجتماعية والسياسية التي تغـيِّـب مواكبة تطلعاتهم، وتتجاهل تمامًا وعي الشباب المتزايد بحقوقهم، وهذه حقيقة ثابتة لا يمكن إنكارها. ما جعل فئة تتوارى بعدما فقدت الأمل من الخطابات التي لا تشملهم والتي، على حد تعبيرهم، تهلل بالتقدم الذي يحققه البلد، وهي الفئة التي ينصب كل تفكيرها في الهجرة، وفئة تحتج وتتظاهر بوجوه مقطبة وبأعصاب متوترة، لسبب بسيط هو أملها المفقود والذي أصبح معه الصوت مبحوحاً.
وما نتج عن ذلك وللأسف، أغنية صدرت، مؤخراً بالمغرب كشكل احتجاجي من حيث المضمون لا الإيقاع، ينتقد فيها ثلاثة من الشباب المغاربة الأوضاع بالبلاد يطالبون فيها بعدالة اجتماعية، ويتذمرون من الفساد المستشري والفقر القائم على حد تعبيرهم.
فلا يمكن الحديث عن الشباب المغربي ووصف ونقل التذمر الذي يطاولهم، دون استحضار أغنيتهم المعنونة بـ”عـاش الشعب”، لأن السياق حتم ذلك. فالفئتان اللتان تحدثت عنهما من الشباب، وجدوا ضالتهم في كلمات الأغنية، فتبنوها واعتبروها لسانا معبراً عن المقهورين وتنبيها للدولة، ويعزى ذلك إلى نسبة تقاسم الأغنية الكبير من فئة الشباب، ونسبة المشاهدة المرتفعة واللغط الذي أثارته، إذن فهي مست الكثيرين من أبناء الشعب المغربي.
إلا أنّها خلقت انقساماً بين مؤيد لها، ومحتج عليها، وهناك من يقول إنهم شبان أرادوا الظهور بغرض الظهور لا غير، ولنفترض أن هذا الطرح صحيح، فلا يمكن إنكار أن الأغنية خلفت صدى، بغض النظر عن خلفيتهم أو انتمائهم، لأنهم شباب عبروا بطريقة فنية وإبـداع اسمه الراب. ومن مميزاته أنه صرخة ضد التهميش الـذي يُعانون منه.
إن صرخات الشباب المغربي كانت كثيرة حتى بُـحَّـت حناجرهم، من مسيرات واحتجاجات يطاولها النسيان في اليوم الموالي. لكـن ما حدث في الآونة الأخيرة شكل مُغاير، ما يجعلنا نطرح التساؤلات التالية:
هل التعبير والاحتجاج بطريقة مختلفة نسبيا عما كان، وبتعبير أدق هل يمكن لفن الراب (على اعتبار أن فرقا موسيقية مرت كانت تحتج بطريقة غنائية كذلك) أن يحدث تغييراً؟
هل من اعتبروا أن أولئك المغنين أناس متواضعون فكرياً وأكاديميًا، يُمكن أن يؤثر على مطلب الشباب، وخروج المتضامنين معهم من صفهم؟
هل مؤسسات الوساطة بين المجتمع والدولة ضعيفة إلى هذا الحد، حتى يصل صوت الشباب بهذه الطريقة؟
هـل يمكن إخماد الأصوات، التي تصدح بالمطالبة بالحقوق والعدالة الاجتماعية، بالتغاضي والسياسات الترقيعية؟
فـمن المسؤول إذًا، عن تواضع الإنجازات في بعض المجالات الاجتماعية، التي قيل عنها بالأمس القريب، إنها مخجلة وتقع في مغرب اليوم؟
وإلى أولئك الذين قالوا إن الاحتجاج شيء لا بد منه ليستقيم الوضع لكن ليس بهـذه الطريقة، فما هي الطريقة الصحيحة في نظركم؟ أنار الله دربكم وزاد من هنائكم.