الصحافة _ كندا
في تحول لافت على خارطة الاستثمار العالمي، بات المغرب وجهة استراتيجية محورية في حسابات بكين الاقتصادية، حيث تكشف المعطيات عن استثمارات صينية ضخمة تقدّر بعشرة مليارات دولار، تركزت في قطاعات الطاقة والسيارات الكهربائية والبطاريات، في ظرف لا يتجاوز بضع سنوات.رحلات سياحية في المغرب
الاهتمام الصيني المتزايد بالمغرب لم يأتِ من فراغ، بل ينبع من موقع المملكة الجغرافي الفريد على أبواب أوروبا، وشبكتها التجارية النشطة خاصة في قطاع صناعة السيارات، وهو ما يجعل منها نقطة عبور مغرية للمصنعين الصينيين الباحثين عن طرق بديلة لتفادي الرسوم الجمركية الثقيلة التي فرضتها الحروب التجارية، خصوصا بين بكين والاتحاد الأوروبي.
زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الدار البيضاء في نوفمبر الماضي، بعد مشاركته في قمة مجموعة العشرين بالبرازيل، لم تكن مجرد بروتوكول دبلوماسي. اللقاء الذي جمعه بولي العهد المغربي الأمير مولاي الحسن، وتلك الاستقبالات ذات الطابع التقليدي المغربي بدلال الحليب والتمر، حملت رسائل سياسية واقتصادية عميقة، تؤكد دخول العلاقات المغربية الصينية مرحلة جديدة قائمة على شراكة صناعية متقدمة.رحلات سياحية في المغرب
وتقول الصحفية الأمريكية باتريشيا كوهين، في تحقيقها المنشور بصحيفة نيويورك تايمز، إن المغرب لم يعد فقط مركزا إفريقيا لصناعة السيارات، بل تحول إلى ركيزة أساسية ضمن الاستراتيجية الصينية للالتفاف على الحواجز التجارية. فشركات صينية كبرى، مثل شركة “Gotion High-tech” المتخصصة في بطاريات السيارات، بدأت بالفعل في تأسيس مصانع لها على الأراضي المغربية.
وهذا الزخم الاستثماري لا يخلو من تحديات، إذ تضع الحرب التجارية المتصاعدة بين القوى الكبرى المغرب في موقع دقيق، كبلد رابط بين مصالح متناقضة. ومع ذلك، يرى مراقبون أن المملكة تحسن استغلال موقعها الجغرافي ومؤهلاتها الصناعية لتعزيز مكانتها الدولية، دون الانحياز التام لأي محور.
من جهة أخرى، تعكس هذه الاستثمارات ثقة متزايدة في الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي يميز المغرب، إلى جانب توفره على بنية تحتية لوجستية متقدمة واتفاقيات تبادل حر مع عدد من القوى الاقتصادية، خاصة الاتحاد الأوروبي.
ومع تصاعد السباق العالمي نحو السيارات الكهربائية والتحول الطاقي، يبدو أن المغرب يجد لنفسه مكانًا وازنًا في هذه الدينامية، مستفيدًا من قدرته على التكيّف مع التحولات الدولية، وجاذبيته المتزايدة كمنصة صناعية قادرة على استقطاب كبار الفاعلين العالميين.