الصٌَحافة _ وكالات
أكدت عائلة الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، أنه سيغادر المستشفى خلال يومين، فيما أشادت الطبقة السياسية بـ»مصداقية» وسائل الإعلام التونسية في تعاملها مع الحالة الصحية للرئيس، بخلاف ما فعلت بعض وسائل الإعلام العربية، في وقت تعرضت فيه أطراف سياسية لانتقادات حادة بعد ترويجها لشائعة مغلوطة تتحدث عن محاولة حركة النهضة الانقلاب على رئاسة البرلمان.
وأكد حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس، رئيس اللجنة المركزية في حزب نداء تونس، في تصريح إعلامي، أن الرئيس التونسي «تجاوز مرحلة الخطر وسيغادر المستشفى العسكري يوم الإثنين أو الثلاثاء».
وأضاف على صفحته في موقع «فيسبوك»: «من حق الشعب التونسي الاطلاع على صحة الرئيس، هم انتخبوه مباشرة وبكل حرية حتى أصبح في قلوبهم كالرمز للبلاد، وذلك مهما كانت نسبة الخلافات. أطمئن التونسيين مرة أخرى على صحة الرئيس، وإن شاء الله يغادر المستشفى في الأيام المقبلة».
وقبل يومين أكدت الرئاسة التونسية أن صحة الرئيس الباجي قائد السبسي بدأت بالتحسن، مشيرة إلى أنه أجرى صباح الجمعة اتصالاً بوزير الدفاع لمناقشة الأوضاع الأمنية في البلاد.
وكانت الرئاسة التونسية أكدت، الخميس، أن قائد السبسي تعرض إلى «وعكة صحيّة حادة» استوجبت نقله إلى المستشفى العسكري في العاصمة التونسية، ما فتح باب التكهنات حول وضعه الصحي، حيث تحدثت وسائل إعلام إماراتية وجزائرية عن «وفاته»، وهو ما نفته عائلة الرئيس ومستشاروه.
وأشاد سياسيون ومراقبون بتعامل وسائل الإعلام المحلية مع الحالة الصحية بـ»مصداقية ومهنية»، حيث دوّنت الباحثة رجاء بن سلامة تحت عنوان «الحرّيّة تنضج الصّحافة»: «تعامل الإعلام التّونسيّ مع الإرهاب ومع إشاعة وفاة رئيس الجمهوريّة أصبح ناضجاً، رغم غياب وزارة إعلام تتحكّم في المنابر، بل وبسبب غياب وزارة إعلام متسلّطة. أقول مرّة أخرى لشاتمي الدّيمقراطيّة والثورة التونسية: انظروا إلى أبعد من أنوفكم».
ودوّن النائب والقيادي في حركة النهضة، عبد اللطيف المكي: «أرأيتم كيف تعاملت الدولة والمجتمع مع حدثين خطيرين: التفجيرات الإرهابية، ومرض رئيس الجمهورية؟ لقد لاحظت تطوراً إيجابياً في التعامل مع مثل هذه الحالات. أرأيتم كيف ربحت مؤسسات الدولة (رئاسة الجمهورية ومجلس نواب الشعب والحكومة والمستشفى العسكري) معركة المصداقية في الإعلام بالوضع الصحي لرئيس الجمهورية، قالوا وعكة حادة فتبين أنها وعكة وليس وفاة؟ وهل رأيتم أن البعض روج مقابل ذلك لوفاة رئيس الجمهورية، وعندما تدقق في خلفية هذا البعض تجده مرتبطاً بجهة معينة لـ (تعرف ماءهم أين يصب) ما تفتأ تعمل على تعكير الأوضاع والحيلولة دون تحسين الأوضاع في البلاد، وتستفيد كثيراً من الأحداث الإرهابية وتستعملها لخلط الأوراق؟».
وأضاف: «أرأيتم كيف عملت حركة النهضة على تهدئة الأوضاع ودعت إلى الكف عن ترويج الإشاعات عن صحة رئيس الجمهورية، وقد كان رئيسها من أول من أعلمه ابن الرئيس بوضعه الصحي منذ الوعكة الأولى نظراً للثقة والعلاقة الوثيقة؟»، وتابع: «أرأيتم كيف بدأ نقاش ثري حول الوجوه الدستورية للموضوع بسلبياته وإيجابياته؟ هل لاحظتم كيف تضامن الشعب مع بعضه ومع دولته ورئيسه، وكيف لم ينخرط الإعلام الاجتماعي في التهويل وبث الرعب، وبالتالي الترويج لأعمال الإرهابيين (إلا قلة معروفة)؟».
من جانب آخر، تعرضت عبير موسى، رئيسة الحزب الدستوري الحر، إلى انتقادات لاذعة بعدما شككت بإمكانية وفاة الرئيس وأشارت إلى وجود «سيناريو انقلاب على الشرعية»، إذ قالت في خطاب أمام أنصارها: «لا نعرف إن كان الرئيس في حالة جيدة أم لا. من يضمن لنا أن الرئيس موجود فعلاً في المستشفى العسكري. من يضمن لنا أن الرئيس موجود هناك بإرادة وأنها ليست محاولة لتفويت الآجال الخاصة بدعوة الناخبين للتصويت؟». وأضافت: «قسماً برب الوجود، لن نسمح بأي مخطط لتبرير الانقلاب على الشرعية (…) ومن أنذر فقد أعذر».
وعلّق المكي على ما قالته موسى بقوله: «أرأيتم كيف أنه عندما ثبت أن الرئيس حي، بل يتعافى، خشيت تلك الجهة التي روجت لوفاته أن تحاسب وتنكشف مؤامراتها فافتعلت كذبة جديدة حول وجود انقلاب وفشله، مورطة فيه النهضة، ليُلهوا الرأي العام؟ أرأيتهم أنهم لم يقدموا أي دليل لأنهم سابقاً كذبوا ولم يملوا ولم يطالبهم أحد بدليل فتمادوا؟ أرأيتم كيف لا تهمهم سمعة البلاد ولا اقتصادها فأبرزوها كأنها جمهورية موز؟ كل شيء رغم المأساة كان جيداً: اشتغال مؤسسات الدولة، ورد فعل الرأي العام.. كان جيداً وجميلاً إلا كذبهم، فقد كان كعادته قبيحاً وكالمُتاجر بالجراح».
فيما فنّد الصحبي بن فرج، النائب عن حزب تحيا تونس (حزب رئيس الحكومة)، اتهامات موجهة لحزبه باستغلال غياب رئيس البرلمان محمد الناصر بسبب وعكة صحية تزامنت مع مرض الرئيس، في محاولة «الانقلاب» على الناصر وتنصيب نائبه عبد الفتاح مورو (نائب رئيس حركة النهضة) على رأس البرلمان.
وكتب بن فرج على صفحته في موقع «فيسبوك»: «كما توقعت منذ الساعة الأولى، انتشرت رواية محاولة تولية عبد الفتاح مورو على رأس مجلس النواب والانقلاب على محمد الناصر(وبالطبيعة بالتواطؤ مع يوسف الشاهد، وكتلة تحيا تونس، وأنا شخصياً!) وطبعاً، فإن فن الرواية والأقصوصة والسينما، يقتضي صناعة سيناريو وصناعة بطل وصناعة عدو، وعادة ما تكون الروايات المختلقة على المقاس، إما لتحقيق مكاسب إعلامية وغالباً للتمويه عن القصة الحقيقية، أو لإبعاد شبهة معينة عن شخصيات بذاتها لحمايتها».
ولخص ما حدث يوم الخميس في البرلمان بقوله: «طيلة العشرة أيام الماضية، عشنا وضعاً استثنائياً: نقاشاً سياسياً حاداً حول القانون الانتخابي، ومرضاً مفاجئاً لرئيس الدولة، وأيضاً غياباً تاماً لرئيس مجلس النواب بدون تفسير رسمي. في الساعة الحادية عشرة، تحدث عمليتان إرهابيتان متزامنتان، ولَم يكن أحد يعلم في تلك اللحظة كيف كانت ستتطور الأمور على المستوى الأمني. بعد ساعة من العملية، تنشر مصالح الرئاسة خبر تعرض الرئيس لأزمة صحية حادة استوجبت نقله إلى المستشفى العسكري. في الدقائق الموالية، ينتشر خبر وفاة الرئيس على جميع وسائط الإعلام العادي والافتراضي، وأكدته وسائل إعلام «صديقة وشقيقة» بناءً على مصادر برلمانية».
وأضاف: «في تلك اللحظة، كان النقاش غير الرسمي في المجلس (وأيضاً فِي البلاد كلها، وفِي الإعلام): هل دخلت البلاد فعلاً في حالة شغور؟ كيف نتصرف فِي هذه الحالة في غياب المحكمة الدستورية؟ وكيف سنتعامل مع واقع غياب محمد الناصر الذي كان سبب غيابه المعلن منذ عشرة أيام مرضاً «حادّاً»؟ هل تجرى دعوة إلى عقد جلسة عامة للتداول في الموضوع؟».
وتابع بن فرج: «حسم الأمر خلال ساعتين: أولاً، بتأكد فشل العملية الإرهابية في نشر الدم والفوضى والإرباك، وبثبات مؤسسات الدولة.
وثانياً، بتأكيد رئيس الحكومة رسمياً عن تحسن واستقرار حالة الرئيس الصحية. ثالثاً، بقدوم محمد الناصر إلى المجلس على الساعة الثانية والربع، بعد أن اتصل به العديد من الشخصيات الرسمية والوزراء والنواب، وأيضاً السيد عبد الفتاح مورو، (وبإمكان السيد محمد الناصر تأكيد ذلك)، وألحوا عليه وطالبوه بقطع غيابه والقدوم فوراً إلى المجلس وتحمل مسؤولياته على رأس المجلس، فكل من يستغل الوضعية الحرجة والدقيقة التي مررنا بها يوم الخميس لصناعة بطولات وهمية وخلق أبطال من ورق وخاصة لتصفية حسابات مهما كانت (ومنها مع شخصي المتواضع)، كل هؤلاء لا يقلّون خسة ونذالة وعمالة وقذارة عن المجرم الإرهابي الذي فجّر جسده القذر وروحه الشيطانية».