الصحافة _ سعيد بلخريبشيا
شنت الحكومة على لسان لحسن عبايبة وزير الشباب والرياضة والثقافة الناطق الرسمي باسم الحكومة، هجوما عنيفا على الفصائل الرياضية، وعلى رأسها فصيل” غرين بويز” المشجع لفريق الرجاء الرياضي، حيث قال إن “الرياضة يجب أن تكون نظيفة ومحايدة وأن التعبيرات الفرجوية والفنية أحيانا قد تكون مطلوبة ومقبولة، لكن التعبيرات التي تخرج عن هذا الإطار فهي مرفوضة تماما”.
وأضاف عبيابة خلال الندوة الصحافية التي أعقبت الاجتماع الأسبوعي للمجلس الحكومي، اليوم الخميس: “نرفض أن تكون لنا تعبيرات خارجة على الرياضة”، مشيرا إلى أن هناك قوانين تؤطر هذه العملية. مضيفا بالقول: “أعتقد أن الجمهور المغربي واع بمسؤوليته وهو جمهور رياضي وبعيد على هذه التعبيرات غير المقبولة”.
وجاء جواب وزير الشباب والرياضة والثقافة الناطق الرسمي باسم الحكومة، ردا على سؤال صحافي حول أسباب منع السلطات المغربية لجماهير الرجاء البيضازي حمل تيفوهات في المباراة الأخيرة التي جمعت نسور الخضر مع الترجي التونسي.
إن الشعارات التي رفعتها الفصائل الرياضة في الملاعب المغربية خلال الفترة الأخيرة، اعتبرها مجموعة من المحللين تتجاوز المفهوم التقليدي للاحتجاج على الأوضاع التي تعرفها البلاد، في ظل تراجعات في مجالات حقوق الانسان و التجاذبات السياسية الضيقة وغير الصحية، وكذلك تطور في ذهنية واهتمامات الجماهير الرياضية، التي طالما وصفت بضعف المستوى الثقافي، والابتعاد عن مجريات التطورات الحياتية.
إن الأجهزة المغربية بمختلف تلاوينها وتشكيلاتها، والسلطات بمختلف هياكلها، على علم مسبق بمضامين “التيفوات” والشعارات التي تُرفع من طرف الفصائل الرياضية في الملاعب المغربية، وأن أعضاء الفصائل الرياضية يمضون حوالي أسبوع بين المدرجات لاعداد “التيفوات”، وتصميمها في الكراسي تحت حراسة أمنية، وتحت رعاية السلطات(..)، والتي بهذا التستر المقصود أو الغير مقصود، تُساهم في دعم الموجة الجديدة من الإحتجاجات التي تحاول صناعة حشد منظم انطلاقا من ملاعب كرة القدم بمحركات غير معروفة من أجل نتيجة غير معلنة في الوقت الحالي (..).
فهل يعلمُ وزير الشباب والرياضة والثقافة الناطق الرسمي باسم الحكومة، أنهُ بتصريحه هذا، وُظِفَ بطريقة غير مباشرة في صراع غير مُعلن بين بعض الأجهزة الأمنية (..)، والتي من خلال هذه الظاهرة تحضر لأمر ما الآن داخل الملاعب المغربية، وكأنه تدريب وتشجيع واستعداد لأمر أكبر برعاية أمنية.
فعندما ترتبط حلقات الملاعب فيما بينها في التأطير السياسي كهذا وتحت رعاية أمنية مشددة، فعلينا أن نتوقع أنها تحاول خلق جسور مع الملاعب الأخرى عبر المغرب، وبالتالي كسر بعض الحواجز النفسية والتعود على رفع الشعارات السياسية، ومن تم الخروج للشوارع ستكون الملاعب في حال عدم تدبير هذه الوضعية ستصبح كالمساجد تؤطر للتظاهر في الشارع العام.
وكما سبق وأشرنا في مقال سابق، فإن حالة الجمهور المغربي، باتت تفرض أكثر من أي وقت مضى الانتباه إلى ما يحصل في المدرجات الرياضية، إذ أنها تحمل رسالة قوية وخطيرة يُؤكد من خلالها من يخطط أنه لا يؤمن بالثورة الفرنسية بإعتبار أنها لم تكن ثورة اجتماعية (..) وهو ما أكدته الجماهير الرياضية المغربية بتوجهها للتتوجه الإنجليزي في شعاراتها، وهو ما يُشير إلى وجود مهندسين كبار لهذه الموجة الجديدة من الإحتجاجات التي تعرفها البلاد والتي لا ينبغي الاستهانة بها (..)، خاصة وأن الجهاز الأمني المغربي يضم في هياكله محللين قانونيين وسياسيين، وكفاءات عالية التكوين لها القدرة العالية على تحليل وقراءة رسائل “التيفوات” والشعارات الرياضية قبل رفعها في الملاعب الرياضية.
اليوم انتظم الشكل الاحتجاجي في شكل أغاني احتجاجية، تلتقي كلها في دق ناقوس الخطر.. لكن عدم التقاط الرسائل قد تكون له نتائج وخيمة، فمن لم تحركه أغنية “عاش الشعب”، لن يحركه إلا شكل احتجاجي أقوى، ووقتها، يكون الأوان قد فات(..).