الصحافة _ كندا
لم يكد الجدل يهدأ حول مشروع القانون الجديد المتعلق بالتعليم العالي، حتى تفجّرت مواجهة سياسية جديدة داخل قبة البرلمان بخصوص ما يسمى بـ“التدريس بالتوقيت الميسر”. فقد وجهت النائبة مليكة الزخنيني، عن الفريق الاشتراكي، سؤالاً شديد اللهجة إلى وزير التعليم العالي عز الدين الميداوي، محذّرة من أن هذه الصيغة المؤدى عنها تمثل تهديداً مباشراً لمبدأ المجانية وتكافؤ الفرص داخل الجامعة العمومية.
الزخنيني اعتبرت أن “التوقيت الميسر” لا يختلف عن بوابة خفية لخصخصة التعليم العالي، إذ يحوّل الشهادات الوطنية إلى امتياز قابل للشراء، ويميز بين الطلبة على أساس القدرة المادية عوض الكفاءة العلمية. وذكّرت بأن الجامعة المغربية، على مدى عقود، كانت رافعة للترقي الاجتماعي ومجالاً مفتوحاً أمام أبناء الفئات الشعبية، قبل أن تصبح اليوم مهددة بالانزلاق نحو منطق السوق.
وأضافت البرلمانية أن هذا النموذج يختلف عن التكوين المستمر الذي يتم في إطار تعاقدات واضحة مع الفاعلين الاقتصاديين، لأن صيغته تمنح شهادات مماثلة للمسار النظامي دون المرور بالانتقاء أو المباريات، ما يفتح الباب لولوج “مختصر” عبر الأداء المالي فقط. وهو ما وصفته بـ“مسخ للجامعة العمومية وضرب لمصداقية الشهادات الوطنية”.
ولم تخف الزخنيني مخاوفها من أن هذا التوجه سيحوّل الطالب إلى “زبون” يؤدي مقابلاً مالياً، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى دعم البحث العلمي والابتكار من أجل تحقيق السيادة الصناعية والغذائية. واستحضرت تقارير رسمية سابقة للمجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة التي رصدت اختلالات في برامج مماثلة، معتبرة أن الحكومة تعيد إنتاج نفس الأعطاب تحت مسميات جديدة.
وختمت البرلمانية مداخلتها بسلسلة أسئلة مباشرة للوزير: هل المستفيد من هذه الصيغة طالب أم زبون؟ ما موقع الأساتذة في هذا النظام الجديد؟ ولماذا تتجه الجامعة العمومية إلى منافسة الجامعات الخاصة بدل تعزيز وظيفتها كفضاء للمعرفة المجانية والمساواة الاجتماعية؟
هذا السجال يعيد إلى الواجهة النقاش الدائر حول مشروع إصلاح التعليم العالي، الذي اتُّهمت الحكومة من خلاله بالسعي إلى خصخصة تدريجية للجامعة العمومية عبر فرض رسوم وأداءات، في خطوة يعتبرها معارضوها تهديداً جدياً لمبدأ العدالة الاجتماعية الذي شكّل لعقود أحد ركائز المدرسة والجامعة المغربية.