بقلم: محمد بوبكري
هناك أشخاص يطرحون أسئلة، عن حسن نية، حول مستقبل الحراك الجزائري، متخوفين على مصيره، ومشككين في نجاحه في تحقيق مطالبه. وانطلاقا من قراءتي لكتابات خبراء جزائريين وخطابات فاعلين سياسيين معارضين لنظام العسكر، تبين لي أن الشعب الجزائري ليس له من مخرج اليوم إلا الاستمرار في الحراك. لماذا؟ عندما ننظر إلى ازدهار الجزائر ومستقبلها الواعد، نجد أن نظام الجنرالات لم يقدم شيئا طيلة الستين سنة الماضية، وبالتالي فمن المستحيل عليه أن يقدم شيئا حاضرا ومستقبلا، واستمراره سيزيد الجزائر تدميرا؛ فالعسكر لم يقدموا منذ ستينيات القرن الماضي إلى اليوم مشروعا تنمويا للجزائر. ومن الغريب أنهم أصبحوا يتحدثون الآن عما يسمونه بـ “الجزائر الجديدة” التي يريدون بناءها بالإصرار على العنف والنهب والفساد، واغتصاب القاصرين والكبار في السجون وفي مخافر “عبلة” (مقرات المخابرات المخصصة للتعذيب)… لذلك، فإن السلطة العسكرية بواجباتها المدنية لا يمكن أن تطور أي مشروع تنموي، وأحزاب المعارضة والموالاة اخترقتها الأجهزة الأمنية للعسكر، وأصبحت عبارة عن كيانات جوفاء لا امتدادات لها في المجتمع، فلم يعد يثق فيها أحد، وضربها الجفاف، وأصبحت عاجزة عن إنتاج فكرة مفيدة واحدة، فأحرى مشروعا هادفا متكاملا ومنسجما، نتيجة للعنف الذي يمارسه النظام العسكري الذي أصابه القحط بفعل الحصار المفروض منذ عقود طويلة على المجتمع، وعرقلته لتطور هذا الأخير للحيلولة دون بروز نخب وتيارات وأفكار متعددة ومختلفة كان من المكن أن يستفيد منها هو نفسه.
وكرد فعل على ممارسات النظام، وما نجم عنها من فساد ودمار للاقتصاد والمجتمع، فقد أبدع الشعب الجزائري الحراك السلمي باعتباره ثورة بيضاء تهدف إلى تغيير النظام العسكري في أفق بناء دولة ديمقراطية حديثة. ولما اشتد عود الحراك، فكر الجنرالات في التآمر عليه، فافتروا عليه أنه يُحرك من الخارج. وهذا ما يذكرنا بما حدث في تسعينيات القرن الماضي من تفجيرات واختراقات ومختلف التنظيمات الإرهابية… ويرى خبراء جزائريون أن النظام قد تعود على اللجوء إلى هذا التحايل الذي يسعى من ورائه إلى أن يقول للشعب الجزائري إن الخطر الذي يتهدده الآن هو خطر يتهدد الجزائريين أيضا.
وإذا نظرنا إلى الخدمات الاجتماعية في بعض البلدان التي تعيش حروبا داخلية طاحنة، كأفغانستان والسودان والصومال واليمن، وجدناها لا تعاني من مشاكل ندرة الزيت والدقيق والحليب والسيولة النقدية، كما هو الحال في الجزائر، مع أنها عضو في منظمة الدول المصدرة للبترول والغاز، وجنرالاتها يدعون أنها أكبر دولة إقليمية الكبيرة. إن الأوضاع الاجتماعية المأساوية التي يعيشها الشعب الجزائري اليوم أمر مخجل.
وإذا كان “تبون” يقول إن هناك قوى خارجية وراء ذلك، فكلامه مجرد كذب يرمي إلى التغطية على ضعف الدولة وغيابها، لأنها عاجزة عن ضمان الأمن الغذائي للشعب الجزائري؛ فهو يسعى إلى إخفاء الشمس بالغربال. لكن، كيف يمكن للجزائريين أن يصدقوه وهم يقفون في طوابير طويلة لوقت طويل أمام مقرات البريد من أجل سحب معاشاتهم ورواتبهم منها؟ ألا يتدافع الجزائريون يوميا أمام المتاجر لاقتناء مجموعة كبيرة من المواد الغذائية النادرة أو المفقودة في الأسواق الجزائرية؟
إن النظام الجزائري يسعى دوما إلى تشويه صورة الحراك، حيث يروج لإشاعات كاذبة ويزرع ألغامًا كثيرة بغية تشويه صورة هذا الحراك لدى الرأي العام الدولي، الذي أصبح يعتبر الحراك بكونه الوجه المشرق لجزائر الغد، الأمر الذي يؤلم النظام الذي يعمل عبر وسائل إعلامه على تقديم الحراك بكونه مؤطرا من قبل جماعات إرهابية متطرفة تناهض الغرب والحرية والديمقراطية… لكنهم فشلوا في ذلك، حيث صار الجزائريون مجمعين على وجوب تغيير النظام، ولم ترفع أي شعارات في مظاهراتهم تدل على أن الحراك مؤطر من قبل أي جماعة متطرفة، أو عدمية، فصار الحراك في أعين الأمم المتحدة وبعض القوى الكبرى حركة ديمقراطية تناهض استبداد العسكر…
ولمواجهة الحراك وتفكيك وحدة صفوفه المتراصة، كلف الجنرالات “تبون” بتقديم الوعود وحل “المجلس الوطني الشعبي” (البرلمان)، وأعلنوا عن تنظيم انتخابات، ما يدل على انكسار النظام بشكل مستمر.. وتعكس الحوارات الصحفية لـ “تبون” والطريقة التي يديرها بها انعدام الثقة، وغياب الكفاءة والضعف، حيث قال ذات يوم متهما التجار “عليهم ربي”، رغم أنه كان عليه أن ينتقد الجنرالات الذين يمتلكون رخص استيراد المواد الغذائية ويرفعون أسعارها بهدف الربح المفضي إلى تعميق فقر الجزائريين. ويعني كلام “تبون” أنه تحول إلى واعظ ليست له سلطة لإحقاق الحق ووضع الأمور في نصابها.
لقد أكد الخط البياني للحراك في انسجامه، ووضوح رؤيته ومطالبه، أنه في تصاعد مستمر. وبعد هزيمة نظام العسكر في إنجاح تنظيم الاستفتاء على “الدستور”، قام “تبون” بحل “المجلس الوطني الشعبي”. وبذلك تكون السلطة الجزائرية قد دخلت في سلسلة من الانكسارات، الواحد تلو الأخرى، ويكون الحراك الشعبي السلمي قد بدأ يفرض نفسه بقوة، لكن يجب أن يتصاعد ويتخلص من “فكرة عدم الجدوى” التي تروجها أقلية قليلة؛ فكل الخطوات التي اتخذتها السلطة كان مآلها الفشل، حيث اتخذت قرارا بتجريد بعض المعارضين المقيمين في الخارج من الجنسية الجزائرية، وتصدى لها الحراك، واضطر الجنرالات لسحب هذا القرار. وهذا ما يعكس تخبط السلطة واضطرابها في مواجهة الحراك، مما يُستنتَجُ معه أن حكام الجزار قد فقدوا البوصلة نتيجة الضغوط التي يمارسها عليهم الحراك والرأي العام الدولي في آن واحد، كما أن الحراك قد ظل موحدا ومنسجما مع رؤيته ومطالبه.. وليس على السلطة إلا أن تفهم نفسها وتذعن، لأنها استنفذت شروط وجودها وذبلت، ولم تعد التربة الجزائرية قابلة باستمرارها في الوجود، ما يؤكد دنو نهايتها.
وكرد فعل على ممارسات النظام، وما نجم عنها من فساد ودمار للاقتصاد والمجتمع، فقد أبدع الشعب الجزائري الحراك السلمي باعتباره ثورة بيضاء تهدف إلى تغيير النظام العسكري في أفق بناء دولة ديمقراطية حديثة. ولما اشتد عود الحراك، فكر الجنرالات في التآمر عليه، فافتروا عليه أنه يُحرك من الخارج. وهذا ما يذكرنا بما حدث في تسعينيات القرن الماضي من تفجيرات واختراقات ومختلف التنظيمات الإرهابية… ويرى خبراء جزائريون أن النظام قد تعود على اللجوء إلى هذا التحايل الذي يسعى من ورائه إلى أن يقول للشعب الجزائري إن الخطر الذي يتهدده الآن هو خطر يتهدد الجزائريين أيضا.
وإذا نظرنا إلى الخدمات الاجتماعية في بعض البلدان التي تعيش حروبا داخلية طاحنة، كأفغانستان والسودان والصومال واليمن، وجدناها لا تعاني من مشاكل ندرة الزيت والدقيق والحليب والسيولة النقدية، كما هو الحال في الجزائر، مع أنها عضو في منظمة الدول المصدرة للبترول والغاز، وجنرالاتها يدعون أنها أكبر دولة إقليمية الكبيرة. إن الأوضاع الاجتماعية المأساوية التي يعيشها الشعب الجزائري اليوم أمر مخجل.
وإذا كان “تبون” يقول إن هناك قوى خارجية وراء ذلك، فكلامه مجرد كذب يرمي إلى التغطية على ضعف الدولة وغيابها، لأنها عاجزة عن ضمان الأمن الغذائي للشعب الجزائري؛ فهو يسعى إلى إخفاء الشمس بالغربال. لكن، كيف يمكن للجزائريين أن يصدقوه وهم يقفون في طوابير طويلة لوقت طويل أمام مقرات البريد من أجل سحب معاشاتهم ورواتبهم منها؟ ألا يتدافع الجزائريون يوميا أمام المتاجر لاقتناء مجموعة كبيرة من المواد الغذائية النادرة أو المفقودة في الأسواق الجزائرية؟
إن النظام الجزائري يسعى دوما إلى تشويه صورة الحراك، حيث يروج لإشاعات كاذبة ويزرع ألغامًا كثيرة بغية تشويه صورة هذا الحراك لدى الرأي العام الدولي، الذي أصبح يعتبر الحراك بكونه الوجه المشرق لجزائر الغد، الأمر الذي يؤلم النظام الذي يعمل عبر وسائل إعلامه على تقديم الحراك بكونه مؤطرا من قبل جماعات إرهابية متطرفة تناهض الغرب والحرية والديمقراطية… لكنهم فشلوا في ذلك، حيث صار الجزائريون مجمعين على وجوب تغيير النظام، ولم ترفع أي شعارات في مظاهراتهم تدل على أن الحراك مؤطر من قبل أي جماعة متطرفة، أو عدمية، فصار الحراك في أعين الأمم المتحدة وبعض القوى الكبرى حركة ديمقراطية تناهض استبداد العسكر…
ولمواجهة الحراك وتفكيك وحدة صفوفه المتراصة، كلف الجنرالات “تبون” بتقديم الوعود وحل “المجلس الوطني الشعبي” (البرلمان)، وأعلنوا عن تنظيم انتخابات، ما يدل على انكسار النظام بشكل مستمر.. وتعكس الحوارات الصحفية لـ “تبون” والطريقة التي يديرها بها انعدام الثقة، وغياب الكفاءة والضعف، حيث قال ذات يوم متهما التجار “عليهم ربي”، رغم أنه كان عليه أن ينتقد الجنرالات الذين يمتلكون رخص استيراد المواد الغذائية ويرفعون أسعارها بهدف الربح المفضي إلى تعميق فقر الجزائريين. ويعني كلام “تبون” أنه تحول إلى واعظ ليست له سلطة لإحقاق الحق ووضع الأمور في نصابها.
لقد أكد الخط البياني للحراك في انسجامه، ووضوح رؤيته ومطالبه، أنه في تصاعد مستمر. وبعد هزيمة نظام العسكر في إنجاح تنظيم الاستفتاء على “الدستور”، قام “تبون” بحل “المجلس الوطني الشعبي”. وبذلك تكون السلطة الجزائرية قد دخلت في سلسلة من الانكسارات، الواحد تلو الأخرى، ويكون الحراك الشعبي السلمي قد بدأ يفرض نفسه بقوة، لكن يجب أن يتصاعد ويتخلص من “فكرة عدم الجدوى” التي تروجها أقلية قليلة؛ فكل الخطوات التي اتخذتها السلطة كان مآلها الفشل، حيث اتخذت قرارا بتجريد بعض المعارضين المقيمين في الخارج من الجنسية الجزائرية، وتصدى لها الحراك، واضطر الجنرالات لسحب هذا القرار. وهذا ما يعكس تخبط السلطة واضطرابها في مواجهة الحراك، مما يُستنتَجُ معه أن حكام الجزار قد فقدوا البوصلة نتيجة الضغوط التي يمارسها عليهم الحراك والرأي العام الدولي في آن واحد، كما أن الحراك قد ظل موحدا ومنسجما مع رؤيته ومطالبه.. وليس على السلطة إلا أن تفهم نفسها وتذعن، لأنها استنفذت شروط وجودها وذبلت، ولم تعد التربة الجزائرية قابلة باستمرارها في الوجود، ما يؤكد دنو نهايتها.