الصحافة _ كندا
في ظل عاصفة القرارات الحمائية التي فجّرها الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، وتداعياتها المتلاحقة على الاقتصاد العالمي، أصدرت المندوبية السامية للتخطيط تقريراً جديداً يرصد الظرفية الاقتصادية، مرفوقاً بنبرة تفاؤل حذر بشأن أداء الاقتصاد الوطني خلال النصف الأول من سنة 2025.
تقرير المندوبية لم يخفِ أن الطلب الداخلي يظل بمثابة العمود الفقري للنمو الاقتصادي المغربي، في ظل محيط دولي “غير صديق”، موسوم بتداعيات رسوم ترامب الجمركية، والتي وإن تم تعليقها مؤقتاً لمدة 90 يوماً، فإن آثارها بدأت في الظهور، خصوصاً عبر تقلبات أسعار الطاقة والمواد الأولية، والتباطؤ الصناعي، لا سيما في أوروبا، فضلاً عن التوترات التي هزّت الأسواق المالية العالمية.
ورغم هذا السياق الدولي الملبد بالضباب، تُراهن المندوبية على دينامية داخلية واعدة، مدفوعة أساساً بزخم الطلب الوطني والانتعاش الفلاحي، لتؤكد أن الاقتصاد المغربي يسير في منحى تصاعدي مقارنة بالسنة الماضية.
ففي تقديراتها، تتوقع المندوبية تحقيق نمو بنسبة 4.2% خلال الفصل الأول من 2025، و3.8% في الفصل الثاني، وهو أداء لافت بالنظر إلى حجم التحديات الخارجية.
ويرجع هذا الزخم إلى التحول الإيجابي في القطاع الفلاحي، وصمود قطاعات الخدمات، إلى جانب دينامية الصناعات الغذائية ومواد البناء، التي يُنتظر أن تواصل تعزيز النمو، خاصة في ظل الطلب المتزايد على الأشغال العمومية، ما يعطي دفعة قوية لقطاع البناء.
من جانب آخر، أكدت المندوبية أن الطلب الداخلي سيبقى قاطرة النمو الوطني خلال الفصل الثاني من السنة، بفضل توسع الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري، في ظل سياسات مالية ونقدية مواتية، تسمح للأسر والمقاولات بالمزيد من المبادرة.
وبينما يُلقي العالم بثقله في مواجهة الاضطرابات التجارية والمخاطر الجيوسياسية، يراهن المغرب على سواعده الداخلية لتأمين نمو مستقر، يضع المواطن والمقاولة في صلب المعادلة الاقتصادية. فهل يستمر هذا الزخم في قادم الأشهر؟ أم أن رياح الخارج ستفرض تعديل المسار؟