الإجـهـاض فـي الـمـغـرب.. كـل مـمـنـوع مـرغـوب

10 نوفمبر 2019
الإجـهـاض فـي الـمـغـرب.. كـل مـمـنـوع مـرغـوب

الصحافة _ وكالات

تقول تقارير صحافية دولية، أن المغرب يحتل المرتبة الأولى بين البلدان العربية في عمليات الإجهاض المحرمة بموجب القانون الجنائي، كما أنه يأتي الثامن من بين دول العالم.

قبل أربع سنوات، أثير نقاش حامي الوطيس في المغرب، بخصوص الإجهاض، وعلى إثره تدخل العاهل المغربي، محمد السادس، وأمر في آذار/مارس من العام 2015 لجنة مكونة من وزراء العدل والحريات، الأوقاف والشؤون الإسلامية، ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بإطلاق مشاورات، تهدف إلى مراجعة القوانين المنظمة للإجهاض في البلاد.

ومن يومها ومشروع القانون هذا، قابع في رفوف البرلمان، بين أيدي لجنة العدل والتشريع، والتي يناط بها التحضير للقوانين قبل عرضها للتصويت أمام البرلمان، فيما تقول مصادر تحدثت لـ”القدس العربي” إن “لوبي الأطباء يقف ضد صدور هذا القانون، بسبب تكلفة الإجهاض الكبيرة حاليا”.

الخوف من الفضيحة

فاطمة، شابة مغربية، من مدينة أكادير، علمت أنها حامل في شهرها الثالث من شاب هي على علاقة حب معه، قبلت أن تحكي قصتها لـ”القدس العربي” مؤكدة على أن الخوف “من ثأر العائلة لشرفها” دفعها لـ”عدم إنجاب هذا الطفل”.

وهي تقول إن هاجس الخوف من الفضيحة، جعلها تحكي لصديقتها المقربة حالتها، والتي أخبرتها بدورها، عن عنوان طبيب يمارس عمليات الإجهاض، بطرق سرية.

وفي حي تالبورجت، وسط أكادير، ومن خلال الباب الخلفي، دخلت فاطمة إلى إحدى الشقق في عمارة فيها عيادات ومكاتب، يمارس فيها هذا الطبيب الإجهاض سراً.

وحسب روايتها “أجهضت جنينها، في المطبخ على سرير طبي متهالك” وعندما أفاقت، كانت “مرعوبة وتعاني من دوار” فوجدت نفسها “محاطة بثلاث نساء مخدرات”.

لحظتها كانت أمامها “نصف ساعة فقط لمغادرة المنزل” لأن المزيد من المرضى سيصلون، بعدما دفعت مبلغ 4000 درهم، حوالي (400 دولار).

اعتقدت فاطمة أن الكابوس قد انتهى، وهي عائدة إلى البيت هزيلة ومضطربة، وفي تلك الليلة، أصابها نزيف، نقلتها على إثره أسرتها بسرعة إلى عيادة خاصة لإيقافه.

وبالرغم من أن الجنين لم يعد في أحشائها، لكن النزيف أجبر الأطباء على إجراء عملية لها، وهذه المرة دفعت 600 دولار، حسب روايتها.

هذه كانت شهادة لـ”القدس العربي” من فتاة تبلغ من العمر 21 عامًا، تنحدر من أسرة ميسورة، اختارت عدم إنجاب طفلها، الذي كان “ثمرة حب ضيعني” واضطرت إلى اللجوء إلى ممارسة الإجهاض السري لأنه في المغرب غير مسموح وينظمه قانون العقوبات منذ عام 1967 ولكن الأرقام، والواقع يثبتان أن كل ممنوع مرغوب.

عقوبات وأرقام

ويعاقب على الإجهاض السري في المغرب، بالسجن لمدة تصل 5 سنوات على الطبيب، وسنتين على المرأة، كما أنها تؤثر على الأشخاص الذين يساعدون الطبيب في الممارسات الفاشلة في حال كشفوا، بمن فيهم الموظفون العاملون في العيادة لـ”عدم الإبلاغ عن الجريمة”.

ورغم أن القانون الجنائي المغربي، يُعاقب على الإجهاض عندما لا تكون حياة الأم في خطر، ورغم عدم وجود أرقام دقيقة، إلا أن التقديرات تشير إلى أنه يتم إجراء ما بين 600 و800 عملية إجهاض يوميًا، و5 في المئة منها فقط قانونية تكون في حالات تشوه الجنين أو الاغتصاب أو زنى المحارم.

والمادة 453 من القانون الجنائي المغربي، تتحدث عن حالات الإجهاض الوحيدة المسموح بها، عندما يكون الحمل اغتصابا، أو يتعرض الجنين للتشوه، أو تكون حياة أو صحة الأم للخطر.

ويسأل المتخصصون والنشطاء والأطباء في المغرب السؤال نفسه، دائما “ما هو هذا الخطر الذي نتحدث عنه؟” بحيث تتم معالجة الصحة البدنية فقط، والتي تمثل 5 في المئة من حالات الإجهاض، للحمل غير المرغوب فيه، ولكن منظمة الصحة العالمية، تأخذ في الاعتبار أيضا الصحة العقلية والوضعية الاجتماعية.

ثمن باهض

ويعتبر رئيس الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري، “AMLAC” شفيق الشرايبي، أن “الصحة العقلية مهمة لأنه إذا حملت امرأة بطريقة غير مرغوب فيها، فيمكنها الوقوع في الاكتئاب الذي يؤدي إلى الانتحار”.

ويرى الدكتور، الذي يعتبر من أشرس المدافعين عن تقنين الإجهاض، أو الإيقاف الطبي للحمل، أن “التي تلد وهي عازبة، سيتم تهميشها اجتماعيًا، ولن تجد عملاً وستكون معزولة تماما”.

وحسب مصادر استشارتها “القدس العربي” فإن الإجهاض سراً في المغرب ليس رخيصاً، فقد يكلف ما يصل إلى 1000 دولار أحيانا، في بلد يكون الحد الأدنى للراتب بين الموظفين هو 300 دولار.

وهذا هو السبب في أن العديد من النساء يلجأن إلى حلول محلية الصنع، مثل النباتات والأعشاب، وحتى الأشياء الحادة يتم إدخالها في الرحم.

في الوقت الحالي، يضع المغاربة الأمل في السلطات لتقنين الإجهاض، ومراجعة القانون الجنائي المثير للجدل، الذي يعاقب على الإجهاض.

دعوة رسمية

وعلى وقع النقاش والجدل الدائر حول الحريات الفردية، مؤخرًا في المغرب دعا “المجلس الوطني لحقوق الإنسان” (رسمي) إلى عدم تدخل القانون الجنائي في العلاقات الشخصية الحميمية.

وأوصى المجلس في مذكرة حول مشروع القانون “رقم 10.16″ المتعلق بتعديل القانون الجنائي، المغربي، الأسبوع الماضي والموجهة إلى رئيسي مجلسي البرلمان، وإلى كافة الفرق البرلمانية، بـ”عدم السماح بتدخل القانون الجنائي في العلاقات الشخصية الحميمية إلا بصفة استثنائية مثلا عندما يلابسها عنف غير مشروع أو ظروف تفرض حماية خاصة”.

وحددت المذكرة، الحالات التي يمكن للقانون التدخل فيها في العلاقات الحميمية بين الأشخاص، في “الاغتصاب أو ربط علاقة جنسية مع قاصر، أو المفروضة بطريقة أو بأخرى على من لا يستطيع عمليا أن يعبر عن رضائه الصحيح بها، أو الاستغلال الجنسي للنساء وللقاصرين”.

وأسند المجلس توصياته هذه، على “ضرورة حماية الحياة الشخصية الحميمية للأشخاص، تماشيا مع الاتجاه الغالب بشأنها في مجال حقوق الإنسان، والانسجام مع توصيات اللجنة الأممية لحقوق الإنسان الموجهة للمغرب”.

كما دعا المجلس إلى “إلغاء تجريم العلاقات الجنسية الرضائية بين الراشدين، وحذف الفصول من 489 إلى 493 من القانون الجنائي”.

هذا، وكان اعتقال الصحافية هاجر الريسوني، بتهم إنهاء حملها بالإجهاض، بادرة للكشف عن الفجوة بين بعض القوانين المتعلقة بالجنس والواقع في المغرب، وهي القضية التي فتحت نقاش الحريات الفردية، وتأطير القانون الجنائي المغربي لها، على مصراعيه.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق