الصحافة _ كندا
في خطوة مثيرة للجدل تعيد فتح ملف الحوكمة المرتبكة داخل مجموعة العمران، كشفت وثائق تتوفر عليها جريدة “الصحافة” الإلكترونية، عن إعلان المؤسسة العمومية عن صفقة جديدة لتنظيم ما تسميه “أيام القرب” بمختلف مدن المملكة، بكلفة تجاوزت 1.5 مليون درهم، في وقت ما تزال فيه آلاف الأسر تنتظر شققًا موعودة ومشاريع لم تر النور منذ سنوات.
الصفقة، التي تحمل رقم 22/2025/HAO/PMC، وحدد تاريخ فتح أظرفتها في 14 يوليوز المقبل، تأتي على شكل طلب عروض أثمان مفتوح يتم إيداع ملفاته إلكترونيًا، تماشيًا مع الرقمنة الشكلية التي تتغنى بها المؤسسات العمومية، دون أن تنعكس على منطق الأولويات ولا على جودة الخدمات التي ينتظرها المواطن.
فهل بات التلميع أولوية أكثر من إسكان الفقراء؟ وهل تحول “القرب” إلى مسرحية علاقات عامة لإخفاء فشل الإنجاز وهدر الملايير؟
الذاكرة لا تنسى. فمن تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى فضيحة العمران-الشرق، ظلت المؤسسة تُطوق بسلسلة من التقارير السوداء، تورطت فيها صفقات مشبوهة، وتأخيرات مزمنة، وتبديد لموارد ضخمة في مشاريع فاشلة. بل إن أكبر البرامج الحكومية، مثل “مدن بدون صفيح”، تأثر مباشرة بعجز العمران عن الوفاء بالتزاماتها، تاركة وراءها آلاف الأسر في العراء، و”مدنًا نموذجية” تحولت إلى أطلال من إسمنت مهجور.
وحتى اليوم، لا تزال ملفات مثل مدينة تامنصورت، أو مشروع الشرافات، تُدرّس كأمثلة فاقعة على كيف تصير المدن الموعودة مقابر إسمنتية بلا خدمات ولا أفق.
في هذا السياق، يصبح الإعلان عن “أيام القرب” بميزانية تتجاوز 1.5 مليون درهم، ضربًا من العبث البيروقراطي، بل تجسيدًا واضحًا لاستمرار سياسة ذر الرماد في العيون، وإصرارٍ على تسويق صورة وردية لمؤسسة غارقة في أعطابها البنيوية والمالية.
فأين القرب من آلاف المتضررين؟ وأين الإنصات الحقيقي من غياب التزامات الإنجاز؟
إن ما تحتاجه مجموعة العمران اليوم ليس حفلات تواصلية باهظة الثمن، بل وقفة جريئة لإعادة ترتيب الأولويات، وتحقيق الحد الأدنى من الشفافية، ومحاسبة المسؤولين عن هدر الزمن السكني والمالي للمغاربة.
فما جدوى الترويج لصورة في مرآة مشروخة؟ وما فائدة حملة علاقات عامة إذا كانت أسس المصداقية منخورة من الداخل؟
ربما حان الوقت ليتوقف التجميل المؤقت… ويبدأ الإصلاح الحقيقي.