أخنوش يعلن نهايته بتوقيع الشعب

27 يناير 2025
أخنوش يعلن نهايته بتوقيع الشعب

عبد الرحمان عدراوي _ كندا

لطالما كان المخزن المغربي ذكياً في تدبير الأزمات، وفي الانتقال من مرحلة إلى أخرى بمرونة ودهاء، مراعاة لمصالح الدولة واستقرارها، وهو الذكاء السياسي والاجتماعي الذي مكّن النظام من تجاوز مطبات خطيرة عبر التاريخ، يُفترض أن يكون في أعلى مستوياته اليوم، في مواجهة وضع حساس باتت فيه رمزية عزيز أخنوش، رئيس الحكومة الحالي، عبئاً على الدولة المغربية.

لقد انتهت مرحلة أخنوش، وهي الحقيقة التي تتأكد يوماً بعد يوم، حيث أن الرجل الذي تم التعويل عليه ذات يوم كخيار لتدبير مرحلة ما، قد احترق سياسياً وأخلاقياً، وأصبح عنواناً بارزاً للفساد المالي في المغرب.

كما أن كل من راهن عليه سابقاً لتحمل مسؤولية قيادة الحكومة، يبدو أنه أدرك اليوم حجم الخطأ الذي ارتُكب، حيث أن الورقة التي كانت تُعتبر “رابحة”، لم تعد صالحة لا للمرحلة الراهنة، ولا للمستقبل.

لقد صار أخنوش يمثل في أعين المغاربة، الجشع والطمع، بل وأيضاً الاستهتار بمصالح الطبقات الهشة التي تشكل الغالبية العظمى من المجتمع المغربي.

إن مظاهر السخط الشعبي على أخنوش لا تخطئها العين، حيث بات الرجل يتصدر رمزية سياسية سلبية، خاصة مع ظهوره في المناطق المتضررة من الزلزال، بعد معاناة سكانها الطويلة مع البرد والأمطار وهم في الخيام، وهي الزيارة التي جاءت متأخرة، ولم تحمل معها سوى صورة سلبية عن حكومة تبدو في نظر البعض وكأنها تستغل معاناة الفقراء لتحقيق أهداف انتخابية ضيقة، وهي السلوكيات التي لا تضر فقط بسمعة المسؤولين، بل بالإحساس العام بالثقة في الحكومة.

أخنوش احترق على كل الأصعدة، حيث لا يكاد يمر يوم دون أن تتردد على ألسنة المغاربة قصص وحكايات عن استغلال النفوذ، وعن الفوارق الصارخة بين فاحشي الثراء وبين الكادحين. كما أن الصورة التي يعكسها رئيس الحكومة عن المغرب في الخارج لا تخدم طموحات دولة تتطلع إلى ترسيخ موقعها كقوة إقليمية ودولة ذات سيادة مؤسساتية تُعلي من شأن الحكامة والمساءلة.

إن استمرارية أخنوش في تدبير الشأن العام باتت عبئاً ثقيلاً على الدولة، وعليه اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، حان الوقت لأن تختفي هذه الرمزية السلبية من الحقل السياسي، كما اختفى جورج بوش الابن وغيره من القادة الأمريكيين الذين أساؤوا لدولهم وجرّوا خلفهم انتقادات لا تزال تلاحقهم إلى اليوم.

إن المشكلة مع أخنوش ليست فقط أنه يمثل إساءة للحقل السياسي المغربي، بل إنه صار الإساءة ذاتها لصورة البلاد بكل ما تحمله من رمزية تاريخية وسيادية.

إن بلادنا بحاجة إلى وجوه جديدة تحظى باحترام المغاربة، وتملك الكفاءة والشجاعة لتجسيد مرحلة جديدة، تُعيد الثقة في المؤسسات، وتُعلي من شأن العدالة الاجتماعية، لأن المغاربة لا يحتاجون إلى مزيد من الشعارات الجوفاء أو الخطابات البراقة، بل إلى سياسات حقيقية تُلامس واقعهم وتُعالج مشاكلهم.

على المخزن، بذكائه المعتاد، أن يُدرك أن المرحلة تتطلب تجاوز أخنوش وكل ما يمثله من رمزية سلبية للثراء والجشع على حساب المصلحة العام، كما أن المرحلة الجديدة تحتاج إلى بناء ثقة متجددة بين الدولة والمواطنين، وهذا البناء يبدأ بالتخلي عن رموز المرحلة التي انتهت، والانتقال إلى رموز جديدة أكثر قربا واحتراما للمغاربة.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق