الصحافة _ كندا
في الوقت الذي يعيش فيه قطاع الصحة الوطني واحدة من أسوأ أزماته، تجلّت بوضوح في الفاجعة التي هزّت مستشفى الحسن الثاني بأكادير وما رافقها من احتجاجات غاضبة وإعفاءات لمسؤولين محليين وجهويين، اختار رئيس الحكومة عزيز أخنوش أن يترأس اجتماعًا للجنة قيادة إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية، في خطوة فسّرها متتبعون على أنها محاولة للهروب إلى الأمام وتسويق إنجازات “ورقية” لا توازي حجم المآسي التي تعصف بقطاع الصحة العمومي.
أخنوش، الذي خصّص بلاغ رئاسة الحكومة لتعداد أرقام ونسب عن السجل الاجتماعي الموحد، وتوسيع قاعدة المستفيدين من أنظمة “أمو”، وصرف 40,5 مليار درهم في إطار الدعم الاجتماعي المباشر، تجاهل بشكل كامل ما يقع في مستشفيات المملكة من انهيار بنيوي ونقص فادح في الموارد البشرية والتجهيزات، وما خلّفته مأساة أكادير من صدمة عميقة لدى الرأي العام.
المفارقة، بحسب مراقبين، أن الأرقام التي يفاخر بها رئيس الحكومة، تعكس وجهًا آخر للأزمة، إذ كيف يُعقل الحديث عن 24 مليون مستفيد من التأمين الصحي في وقت لا يجد فيه المرضى سريرًا أو طبيبًا أو حتى دواءً أساسياً في مستشفياتهم؟ وكيف يُصرف ما يفوق 40 مليار درهم على الدعم المباشر، بينما تموت النساء الحوامل في أقسام الولادة بسبب غياب شروط السلامة الطبية؟
الانتقادات الموجهة لأخنوش لا تتعلق فقط بالاختيار “غير المناسب” لتوقيت هذا الاجتماع، بل تتجاوزها إلى الجوهر: خطاب الأرقام والإحصائيات لا يُغني عن حقيقة أن المنظومة الصحية تنهار أمام أعين المغاربة. وإذا كان الدعم الاجتماعي المباشر قد مكّن بعض الأسر من مواجهة تكاليف الحياة، فإن غياب الرعاية الصحية الجيدة يمحو كل أثر إيجابي لهذه البرامج.
أزمة مستشفى أكادير تحوّلت إلى مرآة تعكس واقعًا مقلقًا يعيشه المغاربة مع القطاع الصحي، لكن بدل أن يواجه رئيس الحكومة هذه الحقائق المرة بجرأة ومسؤولية، آثر مرة أخرى الاحتماء بخطاب التسويق السياسي الذي يقدّم مغربًا “وردياً”، بعيدًا عن معاناة الناس اليومية.
في زمن الأزمات الكبرى، لا يحتاج المغاربة إلى بلاغات رسمية مرقمة، بل إلى إرادة سياسية تعيد الثقة في حقهم الدستوري في العلاج والكرامة.