الصحافة _ كندا
في خطوة استراتيجية تحمل أبعادًا اقتصادية وجيواقتصادية عميقة، تستعد شركة Uranext الناشئة ضمن منظومة InnovX التابعة لجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P)، لإطلاق أشغال بناء أول مصنع مغربي لإنتاج “الكعكة الصفراء” (Yellowcake)، وهي المادة التي تُعتبر المكون الأساسي لإنتاج الوقود النووي.
وسيقام المصنع بمدينة الجديدة باستثمار يفوق 100 مليون دولار، ليكون بذلك أول مشروع من نوعه في شمال إفريقيا، مخصص لتحويل حمض الفوسفوريك—الذي يُنتجه المغرب بكميات ضخمة ضمن صناعة الفوسفات—إلى مركب U₃O₈، الذي يُمثل الشكل المركز لليورانيوم المستخدم في الطاقة النووية المدنية.
ويمثل هذا المشروع ثمرة التفوق المغربي في سوق الفوسفات العالمي، حيث يُنتج المغرب أكثر من 38 مليون طن من الفوسفات الخام سنويًا، بتركيز من اليورانيوم الطبيعي يتراوح بين 50 و100 جزء في المليون، ما يمنح المملكة قاعدة خام نادرة تسمح لها بالدخول بقوة إلى حلبة المنافسة في قطاع الطاقات النووية.
وفقًا لمصادر تقنية، فإن استخلاص “الكعكة الصفراء” يتم خلال عملية إنتاج حمض الفوسفوريك، عبر استخراج ما لا يقل عن 80% من اليورانيوم من المنتجات الثانوية كـ”الفوسفوجيبس”، مما يعزز كفاءة المشروع وجدواه الاقتصادية.
ويمثل المصنع المرتقب حلقة جديدة في سلسلة التحول الطاقي المغربي، ويعكس إرادة الدولة في تقليص التبعية للطاقات التقليدية وتعزيز موقعها كقوة ناشئة في مجال الطاقة النظيفة والبدائل التكنولوجية المتقدمة.
ويستفيد المشروع من شراكة استراتيجية مع مجموعة OCP، مما يعزز التكامل الصناعي بين قطاعي الفوسفات والطاقة النووية، ويضع المغرب على خريطة الدول المصدرة للمواد النووية ذات الاستخدام المدني، في وقت تتجه فيه العديد من القوى العالمية إلى إعادة الاستثمار في الطاقات النووية كبديل مستدام للطاقة.
وبالإضافة إلى الأبعاد الاقتصادية، يرتقب أن يُساهم المصنع في خلق فرص شغل عالية التأهيل، وتعزيز البحث والابتكار في تقنيات الاستخلاص والمعالجة النووية، خاصة في إطار منظومة UM6P العلمية والبحثية.
بهذا المشروع، لا يخطو المغرب نحو إنتاج مادة نووية استراتيجية فحسب، بل يرسم ملامح سيادته الطاقية المستقبلية، ويدخل نادي الدول القادرة على تثمين مواردها الطبيعية في خدمة أمنها الطاقي والصناعي على حد سواء.