بقلم: مليكة طيطان*
29 أكتوبر 2019 تمر 54 سنة على اختطاف عريس الشهداء ألأممي المهدي بن بركة سؤالي الرئيس أدبجه بالتالي :
من له الحق التاريخي الإنساني – النضالي – لتخليد ذكرى الشهيد؟
في البدء أستهل خطابي هذا بإشارة لابد منها أختزلها في التالي :
أمر يتعلق ومنذ عقود بتوظيف الفجيعة الاختطاف والاغتيال ورمزية الشهيد في تراكم فائض قيمة. والمطلوب من الأفاضل التركيز جيدا ما دام الزمن بقيمته وأيضا الوجود كقيمة فلسفية طبعا , نحن بصدد وجود في زمان بعيد قد نؤرخ له بإنتاج الفكرة – الاختيار الثوري – والحدث مؤتمر ثاني بعد فك الارتباط والترقيم السنوي 1962.
انطلاقا من هذه الحقبة نحن بصدد امتداد زمني آخر حتى حدود 1965 بالضبط 29 أكتوبر من خلالها نسجل لاختطاف عريس الشهداء المهدي بن بركة.
نعم تم إلغاء عنوان النضال وتاه الإخوة غابت نهارات نضالهم وعوضتها الصراعات بين جناح مديني يرى تحقيق المشروع التحرري وبناء الدولة المدنية كان من المفروض أن تكون أرضية مشروعه ( وثيقة الاختيار الثوري ) , في حين الآلة التحكمية الممثلة في النقابة الاتحاد المغربي للشغل ترى أن المعادلة الصحيحة طرفها القوي أن تنفرد النقابة بالحزب وليس العكس … هذا ما يشبه التقديم للإجابة على السؤال المحوري أعلاه في شقه الخاص بالذات الحزبية .
وما قبل ذلك لنقتصر فيه على جدلية المهدي والمخزن ومن خلال الأخير يحضر الاستعمار عندما حدد الشهيد الأخطاء القاتلة الثلاثة للحركة الوطنية في مطلع الستينات وهي كالتالي :
أولا : القبول بأنصاف الحلول في المفاوضات والمساومات بين الحركة الوطنية والحكم.
ثانيا : عدم الشفافية في تقديم الحقائق وخوض الصراعات وراء الأبواب.
ثالثا : غياب الوضوح الإيديولوجي.
رسم مواصفاتها بهذا الشكل وهو يعلم ومنذ البداية أنه ليس بصدد نقد ذاتي فقط , بل يخالف فيه التصور السائد لدى شركائه في الحزب…بل يقدم تصورا وإطارا منهجيا ثوريا وديمقراطيا لكيفية بناء الأداة الحزبية والسير فيها قدما إلى الأمام من أجل تحقيق أدوار التحرر بل و إقامة دولة الحق والقانون بدل الحكم الأتوقراطي بل الإقطاعي …
هكذا حدد له الشهيد التسمية المناسبة في تلك المرحلة:
أكيد أن الشهيد كان يعي جيدا أنه ينازل الاستعمار في شكله الجديد وفي أكثر من موقع …محليا…دوليا , بل إن المنازلة أو التباري تقتضي التحام بلدان العالم الثالث في القارات الثلاثة تبعا والأبعاد سياسية اقتصادية اجتماعية إيديولوجية , خاصة وأن قوى الاستعمار بدأت تتراجع أمام عواصف تحرر الشعوب , ضغط تسبب في ولادة استعمار جديد رغم مبدأ الأرض المحروقة في كل منطقة تم فيها الانسحاب .
المناسبة تستدعي مقاربات بوح على سكة ما هو الصح .الجنرال ( دوكول ) اختزل الحكاية في تعبيره المرافق لورقة تعريفه المختزلة في ( تغييب السيادة لا تغييب الأشخاص ).
هذا الرجل الذي كان يعرف كيف يواجه رياح التغيير , رأى في اختطاف المهدي بنبركة في عمق باريس ومن الحي اللاتيني حيث تبلورت قيم الحضارة الإنسانية الفرنسية رأى فيها إهانة لهذه القيم وتبخسيها , لقد ظل ( دوكول ) يراهن على التطورات الأخيرة وتغيير الاستعمار إلى جديد بصيغة تتنازل فيه القوة العسكرية للثقافة الاستعمارية وترسم الأهداف حتى على المدى البعيد بالقلم بدلا من البندقية …
تحول او تطور أصر فيه الاستعمار على إطفاء جدوة الحماس الوطني وتدمير كل المعابر التي تؤدي إلى الالتحام بالجماهير الشعبية .
ولأن المهدي كان من المنارات والصروح الكبرى في حركة التحرر الوطنية العالمية بل وتحضر كافة المعالم مما يجعله المؤهل للتصدي بحزم لمثل هذه التوجه فقد أصبحت تنحيته مطلبا استعماريا مستعجلا . التاريخ يتذكر حالات مماثلة تتنزل فيه أقتصر فيها المقولة المشهورة للفاشستي موسوليني ( علينا أن نوقف هذا الدماغ عن العمل ) إنه الحكم النهائي للمدعي العام والذي أصدره على كرامشي بتاريخ 4 يناير 1928 . نعم : الحالتان مماثلتان متشابهتان …المهدي بن بركة و كرامشي كلاهما مثقف عضوي .
ما أرقنه ليس بملاحم استحضار قوة في زمن محدد وشعب محدد …نحن بصدد كونية شخصية دمها يتوزع عبر المعمور… فلا توظيف لسير الأبطال في هشاشة أجساد تتحرك عكس تيار الشهيد .
أنا الموقعة أعلى هذا المقال وأسفله إحدى أبناء وبنات الحركة الاتحادية الأصيلين / ات أعترف بأن من له الحق التاريخي في إحياء ذكرى عريس الشهداء المهدي بن بركة وطبعا أن يكون الإحياء بعيدا عن أي توظيف عرقي عقدي أثني حزبي سياسي نقابي هم على الشكل التالي :
أولا : أبناء وبنات المدرسة الأصيلين /ات رغم أن السبل تاهت بهم ومعايير الانتماء اختلت عبر مراحل ولا مرد لقضاء الله.
ثانيا : الشهيد كان يملك من المواصفات ما جعله قادرا على التصدي وحمل مشعل الثورية في حركة التحرر العالمية وبعد التحالف الثلاثي بين الرجعية والاستعمار وإخوة الانتماء امتد إشعاع منارته إلى كل المستضعفين البؤساء في القارات الثلاث – إفريقيا – أسيا -وأمريكا اللاتينية – بقوة التاريخ القريب الشهيد المهدي بنبركة شهيد أممي كوني وليس وطني أو لحزب معين فحسب صارت جيناته أممية كونية.
وذات يوم ستعرف الأجيال ماذا حصل بالفعل … وكما صرحت السيدة (هنريان دو شابوني) سكرتيرة ( لجنة الحقيقة حول المهدي بنبركة )
*مناضلة حقوقية ومعتقلة سياسية سابقا.