الصحافة _ وكالات
رصدت منظمة مغربية “استمرار التراجع الذي تشهده الحقوق والحريات في المغرب”، وذلك “بعد مرور 60 سنة على ظهير الحريات العامة، وثماني سنوات على دستور فاتح يوليوز 2011”.
واعتبر التقرير السنوي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان حول وضعية حقوق الإنسان بالمملكة خلال سنة 2018، الذي جرى تقديمه صباح اليوم الجمعة في العاصمة الرباط، أن المغرب واحد من البلدان التي تتخذ الظرفية الدولية “المتحولة” و”المتقلبة”، كـ”ذريعة لتبخيس عمل المنظمات الحقوقية والنقابية والسياسية”.
وضع أسهم، وفق المصدر ذاته، في “ظهور تراجعات خطيرة في الحقوق والحريات في ظل ارتفاع نسبة الاعتقال الاحتياطي، واستمرار المس بالحق في الإضراب، والحق في التنظيم وتأسيس الجمعيات أو الانتماء إليها، وحرية الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، والتضييق على الصحفيين والمدونين”.
إلى جانب ذلك، يسجل التقرير “توظيف القضاء في تصفية الحسابات، والزج بمجموعة من المواطنين في السجون (على خلفية أحداث الريف وجرادة مثلا)، والتعسف واستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان، إضافة إلى الصحفيين وإصدار الأحكام الجائرة في حقهم”.
ويقدم تقرير العصبة حصيلة رصدها للوضعية الحقوقية في المغرب على مدى العام الماضي في مجال الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية.
وهذه بعض مضامينه:
استمرار أحكام الإعدام
يسجل التقرير “استمرار رفض الدولة الانضمام إلى البروتوكول الاختياري الثاني حول إلغاء عقوبة الإعدام الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، و”التصويت بتحفظ على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلق بوقف تنفيذها في أفق إلغائها”.
في الوقت نفسه، تستمر المحاكم في إصدار أحكام الإعدام حتى الآن، ويشير التقرير في هذا السياق إلى إصدار غرفة الجنايات الابتدائية بالدار البيضاء في يناير من سنة 2018 حكما بالإعدام في حق المتهم بقتل برلماني، وهو ما يطرح، وفق المصدر، “أمر إلغاء عقوبة الإعدام في المنظومة الجنائية كأولوية دستورية وحقوقية على كل السلطات والمؤسسات السياسية والتنفيذية والتشريعية والقضائية”.
تعرض معتقلين للتعذيب
وفقا للعصبة، فإنه و”لحدود متم سنة 2018، مازالت الجمعيات الحقوقية وطنيا ودوليا تسجل تعرض بعض المعتقلين للتعذيب سواء أثناء الحراسة النظرية أو داخل مراكز الاحتجاز”.
إضافة إلى ذلك، تؤكد وقوف تلك الجمعيات على “حالات العنف المفرط الذي تمارسه القوات العمومية في حق المحتجين سلميا، والتضييق على المعتقلين السياسيين”.
كما يشير التقرير، بشكل خاص، إلى المعتقلين على خلفية أحداث الريف وجرادة، والذين “تمكنت” وفقه، “مصادر حقوقية وطنية ودولية من تسجيل حالات تعذيب في حقهم وتعرضهم للإهانة والحط من الكرامة في محطات عديدة”.
فشل النموذج التنموي
“على الرغم من الجهود المبذولة في مجال التنمية البشرية في المغرب إلا أن بلادنا تتبوأ مرتبة متأخرة على الصعيد العالمي”، يقول التقرير، الذي يؤكد أنه “في الوقت الذي تروج السلطات المغربية الرسمية لما تسميه بـ”الاستثناء المغربي” الذي طال الجانب الاقتصادي والاجتماعي، تشير تقارير غير رسمية وطنية ودولية إلى عكس ذلك”.
ووفقا للمصدر ذاته، فإن تلك المعطيات “تؤكد بالملموس فشل نموذجنا التنموي”، لافتا إلى “الاحتجاجات الشعبية ومقاطعة بعض الشركات الاحتكارية من طرف المواطنين خلال سنة 2018″، باعتبارها “دليلا على ما آلت إليه الأوضاع المعيشية للمغاربة”.
احتقان قطاع التعليم
شهدت السنة الماضية العديد من الاحتجاجات التي تهم موظفين في قطاع التربية والتعليم، وهو ما يصفه التقرير بـ”الاحتقان متعدد المستويات”.
ومن أوجه ذلك “الاحتقان”، “احتجاجات الأساتذة الموظفين بموجب عقود الذين غيروا من وجه المدرسة العمومية، وشكلوا قاعدة احتجاجية في اتساع مستمر، يحركها آلاف من المتعاقدين” و”الذين انخرطوا بشكل جماعي منذ ثلاث سنوات في أشكال نضالية مختلفة”.
إلى جانب الأساتذة “المتعاقدين”، يشير المصدر أيضا إلى احتجاجات ما يسمى بـ”أساتذة الزنزانة 9″ و”مدراء المؤسسات التعليمية” و”المفتشين التربويين”، مبرزا أن كل هذه التعبيرات الاحتجاجية “تزيد المدرسة العمومية إرباكا واحتقانا”.
تدهور وضعية الأطفال
وضعية الأطفال ليست أفضل حالا، حيث تؤكد المنظمة المغربية أن وضعية هذه الفئة “التي تشكل رجال الغد مستقبلا”، تزيدها “تشاؤما” بشأن مصيرها.
ومن المعطيات التي يرصدها المصدر في هذا الإطار، استنادا إلى تقارير منظمات وطنية ودولية، “تزايد الاعتداءات على الأطفال” و”ارتفاع نسبة الهدر المدرسي” و”تفشي ظاهرة أطفال الشوارع والمتخلى عنهم”.
تضاف إلى ذلك معطيات تهم ظاهرة تشغيل الأطفال، حيث يستحضر التقرير ما تضمنه بحث للمندوبية السامية للتخطيط الذي سجل أن “عدد الأطفال المشتغلين الذين تتراوح أعمارهم بين 7 وأقل من 15 سنة بلغ 92 ألفا”.
معاناة المهاجرين واللاجئين
رغم أن المغرب “يعتبر من من بين البلدان الأوائل التي صادقت على اتفاقية جنيف المتعلقة باللاجئين”، ورغم أنه “صادق كذلك على مجموعة من الاتفاقيات المتعلقة بهذا المجال”، إلا أن “المتتبع لأوضاع وحقوق المهاجرين واللاجئين في المغرب، يلاحظ استمرار الحيف في حق هاتين الفئتين خلال سنة 2018”.
ومن بين “الانتهاكات” التي يسجلها التقرير في حق تلك الفئة، “عدم احترام وحماية الحقوق الأساسية لهم ولأسرهم وضمنها الحق في التعليم والصحة والعمل”، و”تلكؤ السلطات في معالجة الأضراء الناتجة عن سوء المعاملة والعنف ضد المهاجرين وأفراد أسرهم، ووضع حد للإفلات من العقاب”.