الصحافة _ كندا
في سياق يتسم بتفاقم البطالة، خاصة في صفوف الشباب وحاملي الشهادات، خرج هشام الصابري، كاتب الدولة المكلف بالتشغيل، بتصريحات غير مسبوقة وضعت رئيس الحكومة عزيز أخنوش في موقف سياسي حرج، بعدما أقر صراحة بفشل برامج تشغيل رُوّج لها طويلاً باعتبارها حلولاً كبرى لأزمة الشغل.
وخلال مشاركته في لقاء علمي بكلية الاقتصاد والتدبير ببني ملال حول “مهن المستقبل”، كسر الصابري منطق التحفظ الحكومي، ووجّه انتقادات مباشرة لبرامج رسمية من قبيل “أوراش” و“تدرج”، مؤكداً أنها لا تُنتج مناصب شغل مستقرة، ولا تعالج جوهر بطالة الشباب، بل تكتفي بحلول ظرفية تفتقر لأي أثر اقتصادي مستدام.
وأوضح المسؤول الحكومي أن هذه البرامج تقوم على منطق مؤقت، يعتمد إحداث جمعيات وتقديم دعم مالي محدود مقابل أنشطة عابرة، معتبراً أن الأمر لا يرقى إلى سياسة تشغيل حقيقية، بل يندرج ضمن ترحيل الأزمة وتأجيل كلفتها الاجتماعية، في اعتراف صريح يهدم الخطاب الرسمي الذي قدّم هذه البرامج كإنجازات استراتيجية للحكومة.
الأكثر إحراجاً، هو إقرار الصابري بأن استفادة عدد من الشباب لا تتجاوز مجرد تسجيلهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، دون أي أفق لاستمرارية العمل، ما يجعل أرقام التشغيل المعلنة مجرد أدوات لتجميل الإحصائيات، لا تعبيراً عن إدماج فعلي ومستدام في سوق الشغل.
ولم يتوقف النقد عند هذا الحد، إذ كشف كاتب الدولة أن الدولة تنفق أزيد من 8000 درهم عن كل مستفيد من برامج الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، وحوالي 5000 درهم في برامج مثل “تدرج”، وهي مبالغ وُصفت بالمعتبرة، كان يمكن توجيهها لإحداث مقاولات حقيقية ومناصب شغل دائمة، بدل تبديد المال العام في برامج محدودة الأثر.
ودعا الصابري إلى مراجعة جذرية لمنظومة التشغيل، تقوم على توزيع واضح للأدوار، بحيث تضطلع وزارة التشغيل حصرياً بإحداث مناصب الشغل، فيما يتكلف التعليم العالي والتكوين المهني بالتأهيل، مع ربط التمويل العمومي بخلق فرص شغل حقيقية لا وهمية.
تصريحات كاتب الدولة لم تكن مجرد ملاحظات تقنية، بل شكلت اعترافاً سياسياً ثقيلاً من داخل الحكومة نفسها، يؤكد أن أزمة البطالة أعمق من الشعارات، وأن ما رُوّج له كنجاحات حكومية لم يكن سوى حلول مؤقتة أخفقت في إنقاذ الشباب من الإقصاء الاقتصادي والاجتماعي.














