سجال نضج النظام الدوائي يعود إلى الواجهة بين التوضيح الرسمي وانتقادات المجتمع المدني

25 ديسمبر 2025
سجال نضج النظام الدوائي يعود إلى الواجهة بين التوضيح الرسمي وانتقادات المجتمع المدني

الصحافة _ كندا

دخل النقاش حول مستوى نضج النظام الدوائي المغربي مرحلة جديدة من التصعيد، بعد تباين واضح في المواقف بين المؤسسة المكلفة بتنظيم الأدوية والمنتجات الصحية، وهيئات مدنية وفاعلين مهنيين، بشأن وضعية التقييم الذي تشرف عليه منظمة الصحة العالمية.

ففي توضيح رسمي، أكدت الوكالة المكلفة بتنظيم الأدوية والمنتجات الصحية أن عملية تقييم مستوى نضج النظام الوطني لتنظيم الأدوية واللقاحات، المعتمدة على أداة التقييم العالمية التابعة لمنظمة الصحة العالمية، ما تزال جارية ولم تبلغ بعد مرحلتها النهائية. وشددت على أن أي حديث عن تصنيف رسمي أو حصيلة نهائية في هذه المرحلة يبقى سابقاً لأوانه ولا يستند إلى أي قرار دولي معتمد.

وأوضحت الوكالة أن مهمة خبراء المنظمة، التي نُفذت خلال شهر دجنبر 2025، كانت تندرج في إطار المواكبة التقنية، وقد أسفرت عن تسجيل تحسن ملموس في عدد من الوظائف التنظيمية الأساسية، بناءً على وثائق ومعطيات موضوعية، دون أن يترتب عنها منح أي مستوى نضج رسمي، بما في ذلك المستوى الثالث.

في المقابل، أصدرت هيئة مدنية تُعنى بالدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة بياناً شديد اللهجة، اعتبرت فيه أن المغرب لم يحصل إلى حدود اليوم على أي تصنيف دولي في هذا المجال، مشيرة إلى أن مهمة منظمة الصحة العالمية سجلت ملاحظات واختلالات جوهرية، وأصدرت توصيات لم يتم استيفاؤها بالكامل. واعتبرت الهيئة أن بلوغ مستوى النضج الثالث يتطلب استيفاء عدد كبير من المؤشرات التقنية والقانونية، وهو ما لم يتحقق بعد، مرجعة ذلك إلى إشكالات مرتبطة بالحكامة والاستقلالية.

ولم تقتصر انتقادات الهيئة على الجانب التقني، بل امتدت إلى تدبير الموارد البشرية داخل الوكالة، متحدثة عن مغادرة عدد كبير من الأطر والخبراء، وما ترتب عن ذلك من تراجع في وتيرة معالجة ملفات تسجيل الأدوية، وانعكاسات سلبية على توفر بعض المنتجات الصحية.

وفي قراءة مهنية للجدل الدائر، اعتبر فاعلون في قطاع الصيدلة أن ما يتم تداوله بخصوص حصول المغرب على تصنيف نهائي لا أساس له من الدقة، موضحين أن ما يجري يدخل في إطار مسار مؤسساتي طبيعي، تقوم فيه منظمة الصحة العالمية بمواكبة تقنية للوكالة، باعتبارها مؤسسة حديثة العهد.

وأكد هؤلاء أن التقييم الدولي لا يتم إلا بعد استكمال جميع المراحل التقنية والتنظيمية المطلوبة، وأن المنظمة الدولية توجد حالياً في مرحلة الإرشاد والدعم، وليس في مرحلة منح الشهادات أو سحبها. كما شددوا على أن الحديث عن “عدم منح التصنيف” في هذه المرحلة غير دقيق، لأن عملية التقييم النهائي لم تنطلق بعد.

وفي ما يخص وضعية الوكالة نفسها، اعتبر المتدخلون أن الحكم على تجربة لا تزال في طور البناء يبقى متسرعاً، خاصة وأن المؤسسة تشهد مرحلة انتقالية على مستوى التنظيم والموارد البشرية، مع فتح باب التوظيف لتعزيز طاقمها بأطر جديدة، في أفق إرساء منظومة تنظيمية أكثر استقراراً وفعالية.

ويعكس هذا السجال، في المحصلة، حساسية ورش تنظيم الأدوية والمنتجات الصحية، باعتباره مرتبطاً بشكل مباشر بالأمن الصحي والسيادة الدوائية، كما يبرز الحاجة إلى تمييز دقيق بين مرحلة المواكبة التقنية ومرحلة التقييم النهائي، تفادياً للخلط الذي قد يربك الرأي العام ويؤثر على الثقة في مسار إصلاحي لا يزال قيد التشييد.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق