أغلبية صامتة ومعارضة مرفوضة.. بنسعيد يفرض رؤيته لقانون مجلس الصحاف

23 ديسمبر 2025
أغلبية صامتة ومعارضة مرفوضة.. بنسعيد يفرض رؤيته لقانون مجلس الصحاف

الصحافة _ كندا

لم يخرج اجتماع لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بمجلس المستشارين عن كونه محطة كاشفة لطبيعة التعاطي الحكومي مع مشروع إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، حيث اختار وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد فرض منطق الحسم العددي الضيق بدل فتح نقاش تشريعي حقيقي يستوعب انتظارات الجسم الصحافي والهيئات المهنية.

ويظهر أن الوزير تعامل مع المشروع باعتباره نصاً مغلقاً لا يقبل المراجعة، إذ واجه ما يقارب 140 تعديلاً بالرفض الشامل، دون تمييز بين المقترحات التقنية، وتلك المرتبطة بالضمانات الديمقراطية، أو المتعلقة باستقلالية المجلس وشرعيته التمثيلية.

هذا السلوك يعكس توجهاً مركزياً يُفرغ العمل البرلماني من جوهره، ويحوّل اللجنة إلى مجرد فضاء لتزكية خيارات جاهزة.

الأكثر دلالة أن تمرير المشروع تم بفارق صوت واحد فقط، وفي جلسة عرفت غياب ما يقارب نصف الأعضاء، وهو معطى سياسي لا يمكن فصله عن مضمون القرار.

فالقانون الذي يُفترض أن يؤطر مهنة حساسة كالإعلام، ويمس حرية التعبير والتنظيم الذاتي، يمرّ بأغلبية هشة، ما يطرح سؤال المشروعية السياسية والأخلاقية قبل القانونية.

إصرار الوزير على رفض إدراج ديباجة تؤطر الحقوق والحريات، أو التنصيص الصريح على استقلالية المجلس وطبيعته القانونية، يكشف تخوفاً واضحاً من أي تأويل قد يحد من سلطة الوصاية.

كما أن الدفاع عن “الانتداب” بدل “الانتخاب” في تمثيلية الناشرين، وتبرير ذلك بالواقعية، يوحي بنزوع نحو التحكم في تركيبة المجلس أكثر من السعي إلى توسيع قاعدة التمثيل.

أما تحميل النقابات وحدها المسؤولية الاجتماعية للصحافيين، واعتبار أي محاولة لإدراج هذا البعد في اختصاصات المجلس “خارج الموضوع”، فيعكس فهماً ضيقاً لدور التنظيم الذاتي، الذي يفترض فيه حماية المهنة وممارسيها، لا الاكتفاء بوظائف تأديبية وإدارية.

خلاصة المشهد أن الوزير بنسعيد خرج من هذا الامتحان التشريعي منتصراً عددياً، لكنه سياسياً فتح جبهة توتر جديدة مع الجسم الصحافي.

فالقوانين التي تُفرض بمنطق الصوت الواحد، وتُحصَّن ضد التعديل، قد تمرّ في البرلمان، لكنها غالباً ما تظل محل نزاع في الواقع، وتفقد القدرة على إقناع من يفترض أن يطبقها أو يحتكم إليها.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق