الصحافة _ كندا
واصلت الكرة المغربية ترسيخ مكانتها قارياً ودولياً بتتويجها بكأس العرب “فيفا قطر 2025”، مضيفة لقباً جديداً إلى سجل إنجازاتها، ومؤكدة أن ما تعيشه ليس لحظة عابرة، بل ثمرة مسار استراتيجي متكامل انطلق بوضوح منذ مونديال قطر 2022 وما قبله.
المنتخب الوطني الأول شكّل واجهة هذا التحول، بعدما بصم على مشاركة تاريخية في كأس العالم قطر 2022 ببلوغه نصف النهائي، كأول منتخب عربي وإفريقي يحقق هذا الإنجاز. ورغم التعثر في كأس أمم إفريقيا الأخيرة، ظل الأداء العام دليلاً على انتقال “أسود الأطلس” إلى مصاف المنتخبات الكبرى، مع استمرار حلم استعادة اللقب القاري الغائب منذ 1976.
في موازاة ذلك، فرض المنتخب المحلي سيطرته قارياً من خلال هيمنته على بطولة “الشان”، محققاً ثلاثة ألقاب خلال عقد واحد، ما يعكس عمق البطولة الوطنية ونجاعة الاختيارات التقنية المعتمدة على الكفاءات المحلية.
هذا النجاح لم يكن معزولاً عن العمل القاعدي، إذ شهدت المنتخبات السنية والأولمبية طفرة غير مسبوقة. فمنتخب أقل من 23 سنة تُوّج بكأس إفريقيا، ومنتخب أقل من 17 سنة حجز مكانه في كأس العالم، فيما حقق منتخب أقل من 20 سنة إنجازاً عالمياً لافتاً بتتويجه بكأس العالم للشباب 2025. كما دوّن المنتخب الأولمبي اسمه في التاريخ بإحراز الميدالية البرونزية في أولمبياد باريس 2024، كأول ميدالية أولمبية مغربية في كرة القدم.
الكرة النسوية بدورها انتقلت من الهامش إلى قلب المشروع الكروي، بتأهل المنتخب النسوي إلى كأس العالم 2023، وبتألق الأندية الوطنية قارياً، خاصة الجيش الملكي، ما أكد أن الاستثمار في هذا القطاع لم يعد خياراً ثانوياً.
أما كرة القاعة، فقد تحولت إلى أحد أبرز عناوين التفوق المغربي، مع هيمنة واضحة على البطولات الإفريقية والعربية، وحضور ثابت في كأس العالم، بفضل عمل تقني دقيق واستقرار في الاختيارات.
وعلى مستوى الأندية، استعادت الكرة المغربية إشعاعها القاري عبر تتويجات متكررة للوداد والرجاء ونهضة بركان، التي أصبحت رقماً صعباً في المنافسات الإفريقية، مؤكدة أن النجاح لم يعد حكراً على فريق واحد بل ثمرة منظومة كاملة.
مجمل هذه الإنجازات ترسم ملامح نموذج مغربي في كرة القدم، يقوم على التخطيط طويل المدى، والتكوين، والثقة في المدرب واللاعب المغربيين، وبناء هوية كروية واضحة تجمع بين الانضباط التكتيكي والروح القتالية. وهو مسار يؤكد أن الكرة المغربية دخلت مرحلة الاستدامة، حيث يتحول النجاح من استثناء إلى قاعدة.














