الصحافة _ كندا
أعادت فاجعتا السيول التي ضربت مدينة آسفي، وخلفت عشرات الضحايا، وانهيار بنايتين سكنيتين بمدينة فاس، الذي أودى بحياة 22 شخصًا، إلى الواجهة أسئلة سياسية حادة حول دور الحكومة ورئيسها عزيز أخنوش في مواكبة الكوارث الإنسانية، وحدود المسؤولية السياسية في لحظات الأزمات الكبرى.
ففي الوقت الذي انخرطت فيه السلطات المحلية وأجهزة الوقاية المدنية والأمنية في تدبير التدخلات الميدانية، لوحظ غياب رئيس الحكومة وعدد من الوزراء عن مواقع الكارثتين، سواء من حيث الحضور الميداني أو من خلال التواصل السياسي المباشر مع الرأي العام، وهو ما أثار انتقادات واسعة في الأوساط السياسية وعلى منصات التواصل الاجتماعي.
ويعتبر متابعون أن تدبير الكوارث لا يقتصر على الجوانب التقنية والأمنية، بل يفرض حضورًا سياسيًا واضحًا يبعث برسائل الطمأنة والتضامن، ويعكس تحمل المسؤولية على أعلى مستوى تنفيذي، خاصة عندما يتعلق الأمر بفواجع إنسانية أودت بحياة مواطنين داخل أحياء وأسواق وبنايات يفترض أن تكون محمية.
وخلال جلسة الأسئلة الشفهية الشهرية بمجلس النواب، اكتفى رئيس الحكومة بتعزية مقتضبة في ضحايا فيضانات آسفي، قبل الانتقال مباشرة إلى عرض محاور أخرى تتعلق بالسياسات الحكومية في مجال دعم المقاولات، دون التوقف عند تفاصيل الكارثة أو الإعلان عن إجراءات استعجالية أو تحمل سياسي مباشر للمسؤولية.
هذا الأسلوب في التعاطي مع الحدث اعتبره منتقدون غير متناسب مع حجم الفاجعة، خاصة في ظل غياب أي إعلان عن زيارات ميدانية حكومية، أو فتح تحقيقات سياسية وإدارية شاملة حول اختلالات البنية التحتية والوقاية، التي كشفتها السيول والانهيارات بشكل صارخ.
كما أثار استمرار رئيس الحكومة في أنشطة حزبية موازية، مرتبطة بالترويج لما يسميه “مسار الإنجازات”، انتقادات إضافية، حيث اعتبر معارضون أن الأولوية في لحظات الكوارث يجب أن تُمنح لتدبير الأزمة والتواصل مع المتضررين، وليس لمواصلة الأجندات السياسية والحزبية.
ويرى فاعلون سياسيون أن مصداقية أي حكومة تُختبر أساسًا في قدرتها على إدارة الأزمات بحس إنساني ومسؤولية سياسية واضحة، وعلى اتخاذ قرارات استثنائية في لحظات استثنائية، بدل الاكتفاء بخطاب تقني أو تعزيات شكلية داخل المؤسسات.
وفي ظل تكرار الكوارث المرتبطة بالفيضانات وانهيار البنايات، يزداد الجدل حول غياب رؤية حكومية واضحة للوقاية من المخاطر الطبيعية، وحول مدى استعداد السلطة التنفيذية لتحمل كلفة الاختلالات البنيوية التي راكمتها السياسات العمومية في مجالات التعمير والبنية التحتية والتجهيز.
وبينما لا تزال أسر الضحايا في آسفي وفاس تعيش على وقع الصدمة، يستمر النقاش السياسي حول دور رئيس الحكومة وحكومته في تدبير هذه الفواجع، وما إذا كان منسوب المسؤولية السياسية يرقى إلى حجم الخسائر البشرية التي هزت الرأي العام الوطني.














