الصحافة _ كندا
تكشف الاستراتيجية الجديدة للأمن القومي الأمريكي عن تحوّل جذري في طريقة تعامل واشنطن مع إفريقيا، منتقلةً من خطاب “نشر القيم” وتقديم المساعدات إلى نهج براغماتي يقوم على الشراكات الانتقائية، الاستثمار، واستغلال العائد الاستراتيجي، خصوصا في مجالات الطاقة والمعادن الحيوية.
وتؤكد الوثيقة أن الولايات المتحدة لم تعد معنية بدور “المانح الأخلاقي”، بل أصبحت تنظر إلى إفريقيا كسوق واعدة وفضاء للتنافس الجيو–اقتصادي مع الصين وروسيا، داعية إلى بناء علاقات تجارية مع الدول “القادرة والموثوقة” التي تفتح أسواقها أمام السلع والخدمات الأمريكية.
في هذا السياق، يبرز المغرب كأحد أكبر المستفيدين المحتملين من التحوّل الأمريكي، بسبب استقراره المؤسسي، وبنياته التحتية، وعلاقاته الدولية، وعمقه الإفريقي، إضافة إلى اعتباره منصة اقتصادية قادرة على استقطاب الاستثمارات الأمريكية في الطاقة والمعادن واللوجستيك.
ويرى متخصصون أن واشنطن تبحث اليوم عن شراكات تحقق “عائدا استراتيجيا مباشرا”، وأن المغرب مؤهل ليكون قاعدة للولايات المتحدة للولوج إلى غرب إفريقيا والساحل، إضافة إلى دوره في ملفات الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب.
كما يتيح اتفاق التبادل الحر بين الرباط وواشنطن، وهو الوحيد من نوعه في المنطقة، أرضية جاهزة للانتقال من منطق المساعدات إلى منطق التجارة والاستثمار. وتكتسي مشاريع مثل أنبوب الغاز المغرب–نيجيريا، إضافة إلى احتياطي المملكة من الفوسفاط والكوبالت والمعادن الاستراتيجية، أهمية خاصة في الرؤية الأمريكية الجديدة.
الاستراتيجية الأمريكية إذن تعيد رسم ملامح النفوذ في القارة، وتمنح المغرب فرصة لتثبيت موقعه كشريك محوري لواشنطن، قادر على تحويل حضوره الإقليمي إلى مكاسب اقتصادية وجيو–سياسية في ظل التنافس الدولي المتصاعد داخل إفريقيا.
