الصحافة _ كندا
حين يخطو المغرب خطوة جديدة في مسار تحديث منظومته الأمنية، فذلك يعكس رؤية راسخة تُعيد تعريف مفهوم القوة الوطنية في زمن تتداخل فيه التحديات وتتسارع فيه التحولات. وتدشين المعهد العالي للعلوم الأمنية بإفران من طرف عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، يجسّد مرحلة متقدمة في مشروع استراتيجي طويل وضع أسسه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، لجعل الأمن رافعةً للحداثة والتنمية والريادة الدولية.
إن المعهد يشكّل صرحاً علمياً وأمنياً يؤسس لجيل جديد من القيادات الشرطية القادرة على استيعاب تعقيدات المرحلة، وفهم التحولات التكنولوجية، والتفاعل مع البيئة الدولية المتغيرة بثقة واقتدار.
ففلسفة هذا المشروع تنطلق من قناعة عميقة بأن الأمن يرتبط بالمعرفة الدقيقة، والبحث العلمي، والقدرة على الابتكار، وتطوير المهارات الناعمة والقدرات التحليلية، وهي مقومات ترفع من جاهزية الأطر وتمنح المغرب موقعاً متقدماً في الساحة الأمنية الإقليمية والدولية.
عبد اللطيف حموشي، الرجل الذي بنى سمعة مؤسساته بالأداء الهادئ المحكم، يواصل اليوم تثبيت نموذج مغربي في العمل الأمني يقوم على الحكمة، والفعالية، والصرامة في احترام القانون، وإعلاء قيمة الإنسان وصيانة كرامته.
هذا النموذج أصبح مرجعاً لكثير من الدول، وهو ما تؤكده الشراكات الأكاديمية والأمنية التي تحيط بهذا المعهد الجديد، ومنها التعاون مع جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ومع معاهد دولية مرموقة، في إشارة واضحة إلى أن المغرب يلعب دوراً محورياً في إنتاج المعرفة الأمنية وتبادل الخبرات.
إن الرؤية الملكية التي قادت هذا التحول تقوم على بناء مؤسسات قوية، وشركاء دوليين يثقون في قدرات المملكة، وأطر تتلقى تكويناً عالياً يمزج بين العلوم الأمنية والتقنيات المتطورة والذكاء الاصطناعي والتدريب الميداني المتقدم.
ويجسد المعهد الجديد هذه الرؤية في شكل منشأة متكاملة: قاعات محاكاة للقتالية والتدخل، فضاءات بحث، مركز للغات والترجمة، مرافق رياضية، ومختبرات علمية. منظومة تعليمية متقدمة تُعدّ لمغرب الغد كوادر ترتقي بالعمل الأمني إلى أعلى درجات الاحترافية.
هذا ليس مشروع تكوين إضافي، بل نقلة نوعية تمنح المغرب قدرة أعمق على مواجهة الرهانات الجديدة التي يعرفها العالم، من الجرائم السيبرانية إلى شبكات التهديد العابرة للحدود، مروراً بفهم ديناميات المجتمعات المعاصرة وتحولات التكنولوجيا.
إنه إعلان صريح عن تحول المغرب إلى مركز إقليمي للخبرة الأمنية، يمسك بخيوط معرفته ويُصدّر تجربته، ويمنح لشركائه قيمة مضافة قائمة على المهنية والابتكار.
وإذا كان الأمن أحد أعمدة استقرار الدول، فإن قوة المغرب اليوم تتجلى في امتلاكه مؤسسة أمنية عصرية يقودها رجل يجمع بين الحزم والرؤية، وبين العمل الهادئ والنتائج الحاسمة.
عبد اللطيف حموشي يضع بهذا المشروع لبنة جديدة في صرح يزداد رسوخاً، صرح يُمكّن المغرب من حماية أمنه الوطني، ويعزز مكانته الدولية، ويترجم الثقة التي تحظى بها المملكة في محيطها وفي دوائر القرار العالمي.
ووسط عالم يموج بالتحولات، يثبت المغرب من خلال هذا المعهد أن الاستباق هو أساس الحماية، وأن الاستثمار في الإنسان هو أسمى أشكال بناء القوة، وأن الرؤية الملكية قادرة على تحويل التحديات إلى فرص، ورسم مسارات جديدة تُعلي شأن الوطن وترسخ مكانته بين الأمم














