ناصر بوريطة.. مهندس التحول الدبلوماسي المغربي تحت قيادة الملك

27 نوفمبر 2025
ناصر بوريطة.. مهندس التحول الدبلوماسي المغربي تحت قيادة الملك

الصحافة _ كندا

قالت صحيفة لوموند الفرنسية، في بورتريه مطوّل، إن شهر أكتوبر الماضي كان محطة لافتة في مسار وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، الذي ظهر يوم 20 منه مبتهجاً في مدرجات ملعب خوليو مارتينيز برادانوس قرب سانتياغو في تشيلي، خلال تتويج المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة بكأس العالم.

وبعد يومين فقط، استُقبل اللاعبون بحفاوة ملكية من ولي العهد مولاي الحسن، في مشهد اعتبرته الصحيفة تجسيداً للدبلوماسية الرياضية التي يحرص الملك محمد السادس على الترويج لها.

وتوقفت الصحيفة عند التصويت الذي جرى يوم 31 أكتوبر في مجلس الأمن، والذي اعتبر مقترح الحكم الذاتي المغربي “الأساس الوحيد” للمفاوضات المقبلة. ويراها المغرب محطة مفصلية في النزاع، إذ عبّر الملك محمد السادس عن ارتياحه مباشرة بعد صدور القرار، قبل أن يُعلن عن اعتماد يوم 31 أكتوبر عيداً وطنياً جديداً تحت اسم “عيد الوحدة”.

وفي اليوم الموالي ظهر ناصر بوريطة في مقابلة نادرة على قناة 2M، مستعرضاً كواليس التصويت الأممي، مؤكداً أن الملك أجرى اتصالات مباشرة بقادة عدة دول أعضاء في المجلس خلال الأيام الأخيرة التي سبقت التصويت.

وترى “لوموند” أن هذا القرار يشكل تتويجاً لمسار بوريطة في إدارة ملف الصحراء، وهو الملف الأول في السياسة الخارجية المغربية.

وتوقفت الصحيفة عند مساره منذ توليه منصب الكاتب العام لوزارة الخارجية سنة 2011 إلى أن أصبح وزيراً سنة 2017، مشاركاً في أبرز التحولات الدبلوماسية التي طبعت عهد الملك محمد السادس: العودة إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2017، التقارب مع الاتحاد الأوروبي سنة 2019، واستئناف العلاقات مع إسرائيل سنة 2020 مقابل اعتراف أمريكي بسيادة المغرب على الصحراء.

وتقول الصحيفة إن ناصر بوريطة أصبح “محبوب التيار القومي” المعروف باسم “الموريش”، حيث يعتبره هذا الاتجاه نموذجاً للمسؤول الذي يجمع بين الانضباط والعمل المكثف، ويراه تجسيداً للروح الوطنية التي يطالبون بها باقي الوزراء.

وتضيف أن توليه حقيبة الخارجية عام 2017 تزامن مع تحول تكتيكي في التعاطي المغربي مع ملف الصحراء، خرجت خلاله الرباط من خطاب “المرونة الزائدة” لتتبنى موقفاً أكثر صرامة، انعكس أيضاً على العلاقة مع أوروبا.

وتعرضت “لوموند” لفترة التوتر التي شهدتها العلاقات مع بروكسل سنة 2016 بعد قرار محكمة العدل الأوروبية المتعلق باتفاق الزراعة. وتوقفت عند الأزمة الحادة مع إسبانيا سنة 2021، حين تدفق آلاف المهاجرين نحو سبتة في سياق توتر دبلوماسي غير مسبوق، وهو حدث وصفته الصحيفة بأنه أبرز مثال على استخدام الرباط لأوراق القوة المتاحة لها.

كما رصدت الصحيفة تصاعد اللهجة المغربية سنة 2022 حين أكد الملك محمد السادس أن الصحراء هي “العدسة التي ينظر المغرب من خلالها إلى محيطه الدولي”، معتبرة أن هذا الموقف يمثل أقوى رسالة سياسية في عهد بوريطة.

وتشير إلى أن الوزير، رغم حضوره القوي، يبقى منفذاً للقرارات الملكية التي تُصاغ داخل الدائرة الاستراتيجية التي تضم الملك ومستشاره الطيب الفاسي الفهري، الذي تربطه ببوريطة علاقة عمل وثيقة منذ أن كان رئيساً لديوانه.

وتوضح “لوموند” أن طول فترة توليه وزارة الخارجية جعله أحد أهم الوجوه الدبلوماسية في تاريخ المغرب، مستفيداً من خبرته في المؤسسات الدولية واشتغاله في سفارات المغرب بفيينا وبروكسل، إضافة إلى دوره في تعزيز حضور المغرب بالقارة الإفريقية، حيث ساهمت الجهود الدبلوماسية في توسيع شبكة السفارات ورفع عدد الدول التي تدعم موقف المغرب في الصحراء.

لكن الصحيفة تعتبر أن حصيلته ليست خالية من الإخفاقات، مشيرة إلى جمود طلب المغرب الانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا منذ 2017، وتراجع زخم التطبيع مع إسرائيل بسبب الحرب في غزة. كما ترى أن تفاؤله بقدرة المغرب على لعب دور رئيسي في ملف السلام الإسرائيلي–الفلسطيني بدا “مبالغاً فيه”، في وقت يتراجع فيه أفق حل الدولتين.

وتخلص “لوموند” إلى أن بوريطة، رغم الانتقادات، أصبح رمزاً للجيل الجديد من الدبلوماسية المغربية، التي تحاول الجمع بين الحزم السياسي والبراغماتية، وبين توسيع شبكة الحلفاء والدفاع الصارم عن المصالح الوطنية في ملف يعتبره المغرب جوهر سياسته الخارجية.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص المحتوى والإعلانات، وذلك لتوفير ميزات الشبكات الاجتماعية وتحليل الزيارات الواردة إلينا. إضافةً إلى ذلك، فنحن نشارك المعلومات حول استخدامك لموقعنا مع شركائنا من الشبكات الاجتماعية وشركاء الإعلانات وتحليل البيانات الذين يمكنهم إضافة هذه المعلومات إلى معلومات أخرى تقدمها لهم أو معلومات أخرى يحصلون عليها من استخدامك لخدماتهم.

اطّلع على التفاصيل اقرأ أكثر

موافق