الصحافة _ كندا
تكشف المعطيات الواردة من دوائر الأغلبية أن الحكومة دخلت فعلياً مرحلة “تدبير انتخابي” للمشاريع الحساسة، بعدما اتضح أن أي قرار غير شعبي قد يجرّ على أحزاب التحالف خسائر فادحة في استحقاقات شتنبر 2026. فإعلان رئيس الحكومة عن رفع مبالغ الدعم الاجتماعي دون المساس بسعر قنينة الغاز، ليس مجرد مبادرة اجتماعية، بل قرار سياسي محسوب بدقة في ظرفية مشحونة بالغضب الشعبي وارتفاع كلفة المعيشة.
ووفق مصادر مطلعة، كان مخطط الزيادة في سعر “البوطا” مطروحاً على الطاولة منذ شهور، لكن قيادة الأغلبية اصطدمت بشبح التصويت العقابي، خصوصاً بعد فشل الحكومة في ضبط أسعار اللحوم الحمراء والمواد الأساسية رغم مليارات الدعم. وهو ما دفع أخنوش وفريقه إلى التراجع التكتيكي، وتجميد أي خطوة قد تُلهب الشارع قبل موعد الانتخابات.
ذات الهاجس الانتخابي بات يهيمن على ملف إصلاح التقاعد، الذي كان يُفترض أن يدخل مرحلة الحسم منذ سنة. غير أن الحكومة أوقفت عقارب الساعة، ودفعت بالورش إلى منطقة الانتظار، خوفاً من انفجار احتجاجات الموظفين. اجتماعات اللجان تتأجل، ومواعيد الحسم تُرحّل، بينما خرجت وزيرة الاقتصاد والمالية لتعلن “تحمّلها” مسؤولية التأخر، في رسالة واضحة مفادها: ليس الآن.
حتى رئيس الحكومة نفسه اعترف بأن أي إصلاح لن يمر إلا بتوافق كامل مع النقابات، في محاولة لتخفيف الضغط الاجتماعي. ومع أن توقعات سابقة كانت تشير إلى بداية عجز حقيقي في نظام التقاعد سنة 2028، إلا أن الحكومة اختارت سياسة التأجيل بدل المواجهة، رهاناً على مرور فترة الانتخابات دون اصطدامات اجتماعية.
المشهد العام يعكس حكومة تحسب أنفاسها وتزن خطواتها، وتفضّل كسب الوقت على مواجهة الملفات الملتهبة. ورغم أن هذه التكتيكات قد تمنح الأغلبية قدراً من الهدوء المرحلي، إلا أن ثمن التأجيل قد يكون باهظاً على المدى المتوسط، سواء في استدامة الأنظمة الاجتماعية أو في ثقة المواطنين في مؤسساتهم.














