الصحافة _ كندا
قدّم رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، خلال جلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين، خطابًا جديدًا حول “المنعرج التنموي الحاسم” الذي يقف أمامه المغرب، غير أنّ مضمون هذا الخطاب بدا بعيدًا عن الواقع الذي يعيشه المواطنون في الجهات المهمّشة، وأقرب إلى تكرار وعود رفعتها الحكومة في بداية ولايتها دون أن يلمس الشارع المغربي أثرها.
ورغم حديث رئيس الحكومة عن “نقلة نوعية” في معالجة الفوارق المجالية، ظلّ السؤال الجوهري معلّقًا: أين هي نتائج ثلاث سنوات من التدبير؟ فالفوارق نفسها التي يتحدث عنها أخنوش تتسع، والمناطق التي يصفها بـ“المجالات الترابية المحتاجة للتأهيل” ما تزال تعاني من أعطاب بنيوية، من ضعف البنيات الصحية والتعليمية إلى العجز في البنيات الأساسية.
وركّز أخنوش على أن التوجيهات الملكية وضعت خريطة طريق واضحة، لكنّ الخطاب الحكومي يُظهر، مرة أخرى، أن ملك البلاد هو من يقدّم البوصلة، بينما تعجز الحكومة عن تحويل هذه التوجيهات إلى سياسات ملموسة. وهو أمر يطرح تساؤلات حول مدى قدرة الجهاز التنفيذي على مواكبة طموحات الدولة وتسريع وتيرة الإصلاح.
وفي الوقت الذي شدّد فيه رئيس الحكومة على “الحاجة إلى إرادة متجددة وتنسيق فعلي بين المركز والجهات”، يرى فاعلون سياسيون وحقوقيون أن هذا الكلام يعكس اعترافًا ضمنيًا بضعف الانسجام داخل الجهاز الحكومي، وعدم قدرة السلطة التنفيذية على فرض مقاربة موحدة بين الوزارات والجهات، رغم الميزانيات الضخمة المرصودة.
وأكّد أخنوش أن البرنامج الحكومي أعطى دفعة جديدة للعرض الصحي والتعليمي والاستثماري، غير أنّ المعطيات الميدانية لا تشهد على ذلك؛ فالأسر المغربية ما تزال تواجه ارتفاعًا في كلفة الصحة والتعليم، والجهات تنتظر إصلاحات هيكلية لم تتحقق بعد، بينما لا تزال الفوارق المجالية عنوانًا بارزًا لفشل السياسات العمومية.
خطاب رئيس الحكومة بدا محاولة لتجميل حصيلة متعثّرة أكثر مما هو إعلان لنقلة تنموية. وبين الوعود المتكررة والواقع الذي يزداد تعقيدًا، يبقى المواطن في الجهات البعيدة هو المتضرر الأكبر، في غياب إجراءات قوية وواضحة تقطع مع اختلالات الماضي.
ومادام رئيس الحكومة يكرر نفس العبارات عن “المنعرج الحاسم” و“النقلة النوعية”، دون تغيير حقيقي في طريقة التدبير، فإن الفوارق المجالية ستظلّ هي العنوان الأبرز للسياسات العمومية، مهما تعدّدت الخُطب وارتفعت الشعارات.














