الصحافة _ كندا
تقدمت النائبة البرلمانية فاطمة التامني، عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، بحزمة تعديلات جريئة على مشروع قانون المالية لسنة 2026، تعكس توجهاً يسارياً واضحاً نحو العدالة الاجتماعية، وإصلاح المنظومة الجبائية بما يخدم الفئات الهشة ويحد من الريع والاحتكار.
ففي الشق الصحي، دعت التامني إلى إعفاء شامل لجميع الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية الموجهة للقطاع العام من رسوم الاستيراد، مبررة مقترحها بكون هذه الرسوم ترفع من تكلفة العلاج دون مبرر موضوعي، وتثقل كاهل المرضى والمستشفيات العمومية على حد سواء. وشددت على ضرورة أن يكون هذا الإعفاء مصحوباً بآلية مراقبة صارمة تضمن استفادة المريض والمستهلك النهائي من التخفيض، لا أن يتحول الإعفاء إلى ربح إضافي للوسطاء والموزعين.
كما اقترحت النائبة عن فيدرالية اليسار إعفاء جميع المواد المعقمة والمطهرة المستخدمة في المؤسسات الصحية العمومية من الضريبة الداخلية على الاستهلاك، مؤكدة أن هذه المواد تشكل جزءاً لا يتجزأ من الأمن الصحي الوطني، وأن فرض الضرائب عليها يُعتبر ضرباً لمبدأ المرفق العام في عمقه الاجتماعي.
أما في الجانب الجبائي، فقد طرحت التامني تعديلاً لفرض ضريبة بنسبة 45 في المائة على الشركات والمؤسسات ذات الربحية العالية، وعلى رأسها مؤسسات الائتمان، وصندوق الإيداع والتدبير، وبنك المغرب، وشركات التأمين، والمناجم، والمساحات التجارية الكبرى، وشركات توزيع المحروقات، وقطاعي الإسمنت والاتصالات.
وبررت النائبة هذا المقترح بأن هذه القطاعات “تُحقق أرباحاً غير عادلة ناتجة عن سيطرة ريعية وممارسات احتكارية ومضاربية، وليست نتيجة لإنتاج فعلي للقيمة المضافة”، داعية إلى ضرورة أن تتحمل هذه الشركات مسؤوليتها الوطنية في تمويل الخدمات العمومية التي تعاني من خصاص هيكلي.
وفي توجه يعيد النقاش حول العدالة الضريبية إلى الواجهة، اقترحت التامني إحداث ضريبة سنوية تصاعدية على الثروة، تطبق على الأشخاص الذين تتجاوز ثرواتهم الصافية 10 ملايين درهم، وفق نظام تدريجي يبدأ بـ 0.5 في المائة لما بين 10 و20 مليون درهم، ويرتفع تدريجياً إلى 2 في المائة لما يفوق 100 مليون درهم.
وقالت النائبة إن هذا المقترح يروم “الحد من التفاوتات الاجتماعية الصارخة وإعادة توزيع الثروة المكدسة بشكل غير منتج أو مضارباتي، وتوفير موارد مستقرة للدولة لتمويل التعليم والصحة والسكن والخدمات الأساسية”، مؤكدة أن فرض ضرائب تصاعدية على الثروات الكبرى ليس عقوبة على الثراء، بل مساهمة تضامنية لبناء مجتمع متوازن يضمن تكافؤ الفرص والعدالة الاقتصادية.
وتبرز تعديلات فاطمة التامني كواحدة من أكثر المقترحات جرأة في النقاش المالي البرلماني، إذ تُعيد طرح أسئلة جوهرية حول أولويات الدولة في توزيع العبء الجبائي بين من يكدح ومن يحتكر، وتدعو إلى إعادة توجيه السياسة المالية نحو الإنصاف الاجتماعي والاقتصادي بدل الاقتصار على منطق الجباية التقليدية














