الصحافة _ كندا
يشهد المغرب اليوم منعطفاً تاريخياً غير مسبوق في مسار قضيته الوطنية الأولى، بعد أن تبنى مجلس الأمن الدولي قراراً جديداً يرسخ مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد واقعي ونهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
فالقرار الأممي لم يكن وليد المصادفة، بل تتويجاً لمسار طويل من العمل الدبلوماسي الهادئ والواثق، الذي رسم ملامحه الملك محمد السادس برؤية استباقية جعلت من قضية الصحراء محور السيادة الوطنية وعمودها الصلب.
لقد استطاع المغرب تحويل معادلة الصراع من مجرد نزاع سياسي إلى قضية شرعية دولية محسومة بالواقع، فمبادرة الحكم الذاتي التي وُصفت يوماً بأنها “اقتراح”، أصبحت اليوم مرجعية أممية لا نقاش حولها، وموقفاً دولياً ثابتاً يقر بسيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية. إنها مرحلة جديدة تضع حداً لعقود من المناورات والمزايدات، وتفتح الباب أمام مستقبل تسوده التنمية والاستقرار.
وحين أعلن الملك أن “هناك ما قبل 31 أكتوبر وما بعده”، كان يعلن ميلاد زمن مغربي جديد، زمن السيادة الواضحة والدبلوماسية الفاعلة التي تصنع القرارات بدل أن تنتظرها. فقد انتقل المغرب من الدفاع عن وحدته الترابية إلى فرضها كأمر واقع، مدعوماً بإجماع وطني صلب، وإجماع دولي متزايد يزداد رسوخاً مع كل محطة أممية.
إن القرار الأخير لمجلس الأمن جاء ليكرّس ثمرة عقود من العمل المتواصل: من سياسة اليد الممدودة إلى الانفتاح على إفريقيا، ومن ترسيخ التنمية في الأقاليم الجنوبية إلى بناء شراكات استراتيجية مع القوى العالمية. المغرب لم يربح فقط معركة في أروقة الأمم المتحدة، بل كسب معركة الصورة والمصداقية والثقة.
اليوم، يتحدث العالم عن الصحراء المغربية كمنطقة استقرار ونموذج تنموي، لا كمنطقة نزاع. المشاريع الكبرى، من ميناء الداخلة الأطلسي إلى الطاقات المتجددة والبنيات التحتية، أصبحت عنواناً لمغرب يفرض وجوده على الأرض بالأفعال لا بالشعارات. وفي المقابل، تتلاشى الأطروحات الانفصالية أمام واقع لا يمكن إنكاره: الصحراء مغربية بموجب التاريخ والقانون والشرعية الدولية.
إن هذا القرار الأممي ليس فقط نصاً سياسياً، بل شهادة دولية على نجاح المغرب في الدفاع عن قضيته بالحكمة، بعيداً عن التوتر والعداء، وبالعمل الجاد على بناء المستقبل بدل البكاء على الماضي. لقد أثبت المغرب أن القوة ليست في الصراخ، بل في الصبر، وأن الشرعية لا تُمنح، بل تُنتزع بالفعل والبصيرة.
اليوم، من طنجة إلى الكويرة، يحتفل المغاربة بنصرهم الجماعي، نصرٍ دبلوماسي يُضاف إلى أمجاد المسيرة الخضراء، ويؤكد أن المغرب الذي خطّ تاريخه بالتضحيات لا يمكن أن يُملى عليه أي مستقبل سوى الذي يصنعه بيده.
الصحراء مغربية… والمستقبل مغربي… والقرار الأممي لم يكن خاتمة المسار، بل إعلان بداية مرحلة جديدة عنوانها المغرب القوي، الموحد، والمنتصر.














