الصحافة _ كندا
قبل أسابيع قليلة من انطلاق كأس إفريقيا للأمم 2025، يتحول المغرب إلى ورش مفتوح على امتداد مدنه الكبرى، في سباق محموم مع الزمن لضمان جاهزية البنيات التحتية والفضاءات الرياضية في الموعد القاري الأهم، الذي سيشكل اختباراً حقيقياً لقدرات المملكة التنظيمية قبل استضافة كأس العالم 2030.
فمن الشمال إلى الجنوب، تعيش البلاد على إيقاع تعبئة شاملة تشمل أكثر من 120 مشروعاً تمتد من طنجة إلى أكادير، تتوزع بين ملاعب، وطرق، وشبكات نقل واتصال، ومراكز إعلامية وفندقية. ورغم التقدم الكبير المسجل في معظم الأوراش، تشير التقارير التقنية إلى وجود بعض “التأخيرات الدقيقة” في تجهيزات الملاعب ومحيطها الحضري، ما يجعل العد التنازلي للبطولة يمر وسط أجواء من الترقب والحذر.
في الرباط، يواصل ملعب الأمير مولاي عبد الله تصدر المشهد كأيقونة المشاريع الرياضية الجديدة، بعد إعادة تأهيله بالكامل بتكلفة قاربت المليار درهم، شملت سقفاً بانورامياً متحركاً وشبكة اتصالات من الجيل الخامس ونظام مراقبة إلكترونية حديث. ورغم احتضانه مباريات رسمية منذ شتنبر الماضي، ما تزال بعض المرافق الجانبية تخضع للترميم التقني الدقيق لضمان مطابقة المعايير الدولية.
أما في الدار البيضاء، فالأعين تتجه نحو مركب محمد الخامس، الذي يخضع لأشغال تحديث شاملة همت المدرجات والبنية التقنية وغرف الصحافة، بينما تسارع السلطات الزمن لتسليم المشروع في منتصف نونبر. غير أن تحدي ازدحام حركة المرور في العاصمة الاقتصادية يجعل من تأهيل الطرق المحيطة بالملعب مهمة معقدة لا تقل أهمية عن تجهيزاته الداخلية.
مدينة طنجة، التي ستحتضن حفل الافتتاح، تعرف استنفاراً غير مسبوق. فكل شبر حول ملعبها الكبير يعيش على وقع الأشغال: توسعة الطرق، تأهيل الواجهات الحضرية، وتحسين الإنارة. ورغم أن المشروع يسير في مراحله الأخيرة وفق الجدول الزمني، إلا أن بعض اللمسات النهائية تبقى حاسمة لنجاح المشهد الافتتاحي.
وفي الجنوب، تتحول مراكش وأكادير إلى ورشتين ضخمتين، تتقاطع فيهما مشاريع الملاعب والفنادق والبنية السياحية، بينما تواصل فاس جهودها لاستكمال أشغال الإنارة وتوسعة الطرق المؤدية إلى ملعبها، وسط صعوبات في تنسيق تدخلات المتعهدين والمقاولات المنفذة.
ولأن النجاح التنظيمي لا يقاس بالملاعب فقط، فقد أطلقت الحكومة خطة وطنية لتقوية النقل والاتصالات. المكتب الوطني للسكك الحديدية أعلن عن استثمار يفوق 3 مليارات درهم لتجديد القاطرات والعربات، بينما تعمل الخطوط الملكية المغربية على مضاعفة رحلاتها الجوية نحو المدن المستضيفة لاستقبال نصف مليون مشجع متوقع من إفريقيا وأوروبا. كما تواكب شركات الاتصالات السباق بإطلاق شبكات الجيل الخامس في الملاعب ومراكز الإعلام، في تجربة تعد الأولى من نوعها في القارة.
ويظل التحدي الأكبر في محور تيط مليل – برشيد، الذي بلغت نسبة إنجازه 75% منتصف الصيف الماضي، حيث يمثل الممر الحيوي الرابط بين الدار البيضاء ومراكش. مصادر تقنية تؤكد أن الوقت أصبح العامل الأكثر إلحاحاً، وأن أي تأخير قد يضغط على جدول التجهيز العام للبطولة.
ورغم التفاؤل الرسمي الذي تعبر عنه الحكومة واللجنة التنظيمية، إلا أن القلق يسود خلف الكواليس. فالمغرب يعي جيداً أن كأس إفريقيا 2025 ليست مجرد بطولة قارية، بل “بروفة عالمية” أمام أنظار “الفيفا” والعالم قبل مونديال 2030. لذلك، لا خيار أمامه سوى تحويل ضغط المواعيد إلى إنجاز يكرّس صورته كقوة تنظيمية إفريقية، قادرة على الجمع بين الطموح والاحترافية.














