الصحافة _ كندا
كشف تقرير حديث عن ارتفاع اقتناء المغاربة للعقارات بإسبانيا خلال النصف الأول من السنة الماضية، حيث اقتنى مواطنون من المغرب حوالَي 6000 مسكن، بارتفاع قدره حوالي 6.4% مقارنة بالفترة نفسها من السنة السابقة. هذه الأرقام أثارت إنذار الجهات الرقابية في المغرب، فشرع مكتب الصرف، وفق مصادر مطلعة، في فتح تحقيق مشترك مع السلطات الإسبانية حول مصادر تمويل هذه العمليات، ومدى مطابقتها لمقتضيات قانون الصرف المغربي.
المخاوف الرئيسية تتركز على احتمال إقدام مقيمين ضِمن التراب الوطني على اقتناء عقارات في الخارج، وهو ما يُعدّ مخالفة صريحة لقانون الصرف، لأن المقيم ضريبياً في المغرب لا يَحق له الاستفادة من امتيازات المغاربة المقيمين بالخارج.
كما تم استدعاء احتمال لجوء بعض المقتنين إلى أساليب تحايلية، عبر تسجيل الملكيات بأسماء أقارب أو معارف مقيمين في إسبانيا، مقابل تحويل مبالغ بالدرهم داخل المغرب لتفادي المساطر المصرفية الرسمية.
وتلفت المعطيات إلى أن سياسات بعض الدول الأوروبية، ومنها إسبانيا، التي تمنح تصاريح إقامة لمن يشتري عقاراً بقيمة تفوق سقفاً معيناً، شجعت عدداً من المغاربة على الاستثمار العقاري هناك.
لكن هذا المناخ الاستثماري يقابله يقظة من قبل السلطات المغربية، التي تقول مصادرها إنها استغلت آليات تعاون دولي واتفاقيات تبادل معلومات مالية متعددة الأطراف لتعقب التحويلات ومصادر التمويل.
ومن بين الظواهر التي يصعب رصدها، سجّل التقرير حالات تبادل تسجيلات عقارية بين أشخاص مختلفين بغرض تضليل الرقابة: يسجل المقيم بإسبانيا عقاراً باسم قريب بالمغرب، ويُسجّل مغربي آخر موجود بالخارج عقاراً باسم طرف ثالث، مع استمرار استعمال العقارات فعلياً من طرف من يمولها. هذه التعقيدات تزيد من صعوبة التحقيقات وتستدعي تدخلاً تقنياً وقانونياً متواصلاً.
مصادر رسمية أكدت أن قدرات وزارة المالية ومكتب الصرف تطورت أخيراً بفضل شراكات دولية واتفاقيات مصرفية، ما يمكنها من رصد العمليات المشبوهة وتتبع المسارات المالية العابرة للحدود. ومع ذلك، تؤكد مصادر أخرى أن التحقيقات ستحتاج إلى مِلفّات قضائية وإجراءات تعاون ثنائي مع السلطات الإسبانية للحصول على معلومات تفصيلية عن الملكيات وهويات المالكين الفعليين.
بموازاة الإجراءات الرقابية، يطرح الملف أسئلة أوسع حول الحاجة إلى توضيحٍ أكبر للمواطنين حول قواعد اقتناء العقارات بالخارج، وضرورة تفعيل قنوات قانونية تمكّن من الاستثمار الخارجي المشروع مع الحفاظ على التزام قانون الصرف. كما يفتح نقاشاً حول إجراءات ردع واضحة ضد المحاولات التحايلية، وإمكانية تكييف السياسات الضريبية والمالية لتسهيل استثمارات المغاربة بالخارج ضمن أطر قانونية شفافة.
ويبقى ملف اقتناء المغاربة للعقارات بالخارج اختباراً لمدى فعالية آليات الرقابة المالية الدولية والوطنية، ولقوة التنسيق القضائي والإداري بين الدول، على نحو يضمن نزاهة التدفقات المالية وحماية المال العام من التجاوزات والاختلالات.














