الصحافة _ كندا
صادق المجلس الوزاري برئاسة الملك محمد السادس، يوم أمس الأحد بالقصر الملكي بالرباط، على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، في خطوة قانونية محورية تُعيد الأمور إلى نصابها، بعد الخطأ الإجرائي الذي وقعت فيه الحكومة السابقة عندما أحالت المشروع على البرلمان دون المصادقة عليه في المجلس الوزاري كما يفرضه الدستور.
هذا القرار يأتي لتصحيح الخلل الدستوري الذي أثارته المحكمة الدستورية في قرارها الصادر بتاريخ 21 فبراير 2023، حين قضت بعدم دستورية المسطرة التي اعتمدتها الحكومة، مؤكدة أن المشروع لم يُتداول بشأنه في المجلس الوزاري، وأن إحالة الحكومة له على مجلس النواب كانت غير مطابقة للفصلين 49 و133 من الدستور.
وجاء في حيثيات قرار المحكمة حينها أن مفهوم “التداول” في المجلس الوزاري لا يعني مجرد الإخبار أو العرض، بل يستلزم اتخاذ قرار فعلي بالمصادقة على النص القانوني، وهو ما لم يتحقق في حالة هذا المشروع الذي أودع لدى البرلمان يوم 16 فبراير 2022، رغم غيابه عن لائحة النصوص المصادق عليها في المجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 4 يونيو 2019.
وبذلك يكون الملك محمد السادس قد أعاد من خلال هذا التصحيح المؤسسي الانضباط الصارم للمسار الدستوري في التعامل مع القوانين التنظيمية، باعتبارها من أعلى درجات التشريع التي تهم ضمان توازن السلط واحترام مبدأ الشرعية الدستورية.
أما مضمون المشروع الجديد، فيُعتبر خطوة تاريخية في مسار العدالة الدستورية بالمغرب، إذ سيمكن لأول مرة المتقاضين من الدفع بعدم دستورية قانون يُطبَّق في قضيتهم، إذا اعتبروا أنه يمس بالحقوق أو الحريات المضمونة دستورياً.
وبمجرد إثارة هذا الدفع، تُلزم المحكمة المعنية بوقف البت في الدعوى إلى حين إصدار المحكمة الدستورية حكمها النهائي في مدى دستورية النص القانوني المطعون فيه.
ويُنتظر أن يُحدث هذا القانون التنظيمي تحولًا عميقًا في الممارسة القضائية المغربية، من خلال منح المواطن حقًا مباشراً في حماية دستورية القوانين التي تُطبّق عليه، وتطهير المنظومة التشريعية من المقتضيات المخالفة للدستور، مما يعزز دولة الحق والقانون ويرسخ ثقة المتقاضين في استقلال القضاء وعدالة المؤسسات.
بهذا القرار، يكون المجلس الوزاري برئاسة الملك قد وضع نقطة نظام دستورية في مسار تشريعي حساس، مؤكدًا أن الاحترام الصارم للإجراءات الدستورية ليس شكليًا، بل هو ركيزة أساسية لضمان شرعية الدولة ومصداقية مؤسساتها.