الصحافة _ كندا
في خطوة مثيرة للجدل، منح رئيس الحكومة عزيز أخنوش ترخيصًا استثنائيًا لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية من أجل اللجوء إلى الصفقات التفاوضية المباشرة لتأهيل وإصلاح عشرات المراكز الاستشفائية عبر جهات المملكة، متجاوزًا المساطر العادية التي تفرضها القوانين المنظمة للصفقات العمومية.
القرار، الذي جاء في مراسلة رسمية موجّهة إلى كل من وزير الصحة أمين التهراوي والوزير المنتدب المكلف بالميزانية والخازن العام للمملكة، استند إلى ما وصفه رئيس الحكومة بـ«حالة الاستعجال القصوى» بالنظر إلى الوضعية المتدهورة التي تعرفها البنايات والتجهيزات والمنشآت التقنية بالمستشفيات العمومية.
وبموجب هذا الترخيص، يمكن للوزارة أن تعقد صفقات تفاوضية دون منافسة مفتوحة، في إطار مسطرة الإشراف المنتدب على المشروع المنصوص عليها في المادة 154 من المرسوم رقم 2.22.431 المتعلق بالصفقات العمومية، وهو ما يفتح الباب أمام شركات محددة للاستفادة من مشاريع بملايين الدراهم خارج مسار المنافسة الشفافة المعتادة.
الوثيقة الرسمية المرفقة بالقرار تضم قائمة من 91 مؤسسة استشفائية مشمولة بعملية “التأهيل الاستعجالي”، تتوزع بين مستشفيات القرب والمستشفيات الجهوية والجامعية، إضافة إلى مراكز متخصصة كعلاج الأورام والأمراض النفسية ومستشفيات الأم والطفل.
وفي الوقت الذي قدّمت فيه الحكومة القرار باعتباره ضرورة لإنقاذ البنية الصحية المتهالكة، عبّر مراقبون عن تخوفهم من أن تتحوّل الصفقات التفاوضية إلى باب جديد للريع الصحي، خصوصًا في غياب آليات مراقبة فعّالة على اختيار الشركات ومعايير التعاقد، وهي ملاحظات تذكّر بتجارب سابقة أثارت جدلًا واسعًا حول صفقات «الاستعجال» التي وُقّعت خلال فترات الأزمة.
من جهته، حاول وزير الصحة أمين التهراوي تبرير القرار بالقول إن “المنظومة الصحية تعرف مشاكل مزمنة ومتراكمة، تتطلب حلولًا عملية وسريعة”، مؤكدًا أن “الإصلاح الشامل الذي تشتغل عليه الحكومة يشمل البنية التحتية، والموارد البشرية، والحكامة، والرقمنة”.
لكن خلف هذه التبريرات التقنية، يرى مراقبون أن التفويض الحكومي الاستثنائي يعكس ارتباكًا في إدارة ورش إصلاح الصحة، ويطرح تساؤلات حول مدى التزام الحكومة بمبدأ الشفافية وتكافؤ الفرص في إنفاق المال العام، خاصة وأن حجم الاستثمارات الموجهة لهذا الورش الصحي الضخم يقدر بالمليارات.
ويبقى السؤال الذي يشغل الرأي العام: هل نحن أمام حالة استعجال حقيقية لإنقاذ المنظومة الصحية، أم أمام صفقات استعجالية تُمنح خارج القانون بدعوى “الإصلاح العاجل”؟