الصحافة _ كندا
في تطور يعكس انطفاء وهج حركة “جيل زِد”، التي قُدمت في بداياتها كصوتٍ جديدٍ للشباب المغربي، مرّت الدعوات إلى التظاهر يوم السبت 18 أكتوبر دون أثر يُذكر، بعدما قوبلت ببرودٍ شعبي وغياب شبه تام في معظم المدن المغربية.
في العاصمة الرباط، لم يتجاوز عدد المتجمهرين أمام البرلمان عشرات الأشخاص، أغلبهم من ناشطين يساريين، فيما خلت الدار البيضاء من أي حشود تُذكر، أما باقي المدن فقد تجاهلت الدعوات كليًا، ما جعل المتابعين يعتبرون هذا اليوم بمثابة “شهادة وفاة سياسية” للحركة التي كانت تُروَّج على أنها موجة شبابية عفوية.
مصادر ميدانية أكدت أن فشل التعبئة لم يكن مفاجئًا، بعدما تفككت فروع الحركة في عدد من الجهات، خاصة التي ينتمي ناشطوها إلى التيار الأمازيغي، حيث عبّروا عن إحساسهم بـ“الخديعة” عقب اكتشافهم أن الخطاب المرفوع باسم الشباب المغربي يخدم أجندات غامضة تُدار من الخارج، وتستغل المطالب الاجتماعية لتحقيق أهداف سياسية ضيقة.
ووفق معطيات متقاطعة، فقد بدأت بوادر الانهيار منذ أسابيع، حين ظهرت صراعات داخلية حول القيادة ومصادر التمويل، تبيّن لاحقًا أنها تمر عبر قنوات مشبوهة تسعى إلى توظيف الغضب الاجتماعي لضرب الثقة في المؤسسات. هذا التصدع الداخلي عرّى هشاشة التنظيم وأفقده ما تبقى من مصداقية لدى الرأي العام.
في المقابل، شهدت منصات التواصل الاجتماعي موجة انتقادات واسعة ضد الحركة، حيث عبّر آلاف المغاربة عن رفضهم القاطع لاستغلال قضايا الشباب في صراعات إيديولوجية، مؤكدين أن زمن “الركوب على المطالب الاجتماعية” قد ولّى، وأن وعي الشارع المغربي اليوم بات أكثر نضجًا من محاولات التأثير الخارجي.
تجربة “جيل زِد” التي بدأت بشعارات التغيير والكرامة، انتهت في صمتٍ مخزٍ، بعد أن تحوّلت إلى واجهةٍ بلا مشروعٍ ولا قيادةٍ ولا قاعدةٍ حقيقية. فبعد أشهر من الصخب الافتراضي، لم يبقَ من الحركة سوى أثر رقمي باهت، ودرسٌ واضح في أن النضال الموجَّه لا يعيش طويلاً في أرضٍ تعرف معنى الوطنية.
هكذا، طُويت صفحة “جيل زِد” كظاهرة سريعة الزوال، أثبتت أن الشارع المغربي يُفرز من داخله دينامياته الحقيقية، وأن ما يُبنى على الوهم لا يصمد أمام وعيٍ شعبيٍّ يُميّز بين من يناضل لأجل الوطن، ومن يتحرك ضده.