الصحافة _ كندا
في خطوة دبلوماسية رمزية تعبّر عن نضج الموقف الإفريقي – الأوروبي تجاه قضية الصحراء المغربية، وجّهت شخصيات فكرية وجامعية وحقوقية من إفريقيا وفرنسا رسالة مشتركة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، تدعو فيها إلى طيّ نهائي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل، باعتباره “عقبة أمام التنمية والاستقرار في القارتين الإفريقية والأوروبية”.
الرسالة التي حملت توقيعات أسماء بارزة من العالم الأكاديمي والمجتمع المدني، يتقدمهم الفرنسي هوبرت سيلان، مؤلف كتاب الصحراء المغربية ورئيس مؤسسة “فرنسا – المغرب من أجل السلام والتنمية المستدامة”، إلى جانب كل من عبد اللطيف أيدارا من السنغال، وإسماعيل بوكانان من رواندا، وعليو بادارا حيدرة مدير جريدة “أوجوردوي مالي”، وسليمان ساتيغي سيبيدي من الشبكة الإفريقية للحكامة وحقوق الإنسان، وزوزيم ألفونس تاميكامتا من الكاميرون، أكدت أن “الوقت حان لتصحيح مسار هذا الملف على أساس الواقعية والتاريخ”.
وجاء في نص الرسالة أن الموقعين يمثلون “خطًا جيوسياسيًا جنوب–شمال يمتد من الكاميرون والسنغال ورواندا ومالي إلى فرنسا”، معتبرين أن قضية الصحراء “ليست نزاعًا انفصالياً، بل قضية استكمال للوحدة الترابية للمغرب، وهي حقيقة تاريخية وجغرافية غير قابلة للطعن”.
وأوضحت الفعاليات أن الأقاليم الجنوبية للمملكة تشكل اليوم “حجر الزاوية في استقرار القارة الإفريقية”، بالنظر إلى التحولات الكبرى التي تعرفها المنطقة، وعلى رأسها مشروع ميناء الداخلة الأطلسي، الذي وصفته الرسالة بـ“المعبر الاستراتيجي نحو إفريقيا جنوب الصحراء”، لما سيوفره من منافذ بحرية للدول الحبيسة مثل رواندا ومالي، ولما يمثله من رافعة اقتصادية للسنغال والكاميرون.
كما أبرزت الرسالة أن مشاريع البنية التحتية، مثل الطريق الرابط بين السمارة وموريتانيا، تجسّد الرؤية الملكية الرامية إلى جعل الصحراء المغربية مركزًا للتنمية الإفريقية المشتركة، معتبرة أن “هذه المشاريع تُعيد رسم خريطة الجاذبية الاقتصادية في القارة وتُحوّل الجنوب المغربي إلى محور استراتيجي للتكامل جنوب–شمال”.
وفي نبرة صريحة، شددت الرسالة على أن “الادعاءات الجزائرية حول وجود هوية ثقافية خاصة بالصحراء الغربية لا أساس لها”، مبرزة أن “الصحراويين في الجنوب المغربي يتقاسمون نفس الموروث الثقافي مع سكان الصحراء الجزائرية، التي كانت جزءًا من المغرب قبل الاستعمار الفرنسي”. وأضافت مخاطبة الجزائر: “إذا كانت تؤمن فعلاً بمبدأ تقرير المصير، فعليها أن تمنح الاستقلال للصحراء الجزائرية أولاً”.
وختمت الفعاليات رسالتها بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى “تبني مقاربة جديدة أكثر واقعية”، معتبرة أن الحل الوحيد القابل للتطبيق هو الاعتراف الكامل بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، بما يخدم مصالح السلم الإقليمي والتنمية المستدامة في إفريقيا وأوروبا.
وفي قراءة دبلوماسية للرسالة، يرى مراقبون أن هذه المبادرة تمثل تحوّلاً في الخطاب الإفريقي – الأوروبي حول قضية الصحراء، إذ لم تعد تقتصر على الدفاع عن “موقف مؤيد للمغرب”، بل باتت تربط بين مغربية الصحراء والأمن الإقليمي والتنمية القارية، ما يعزز موقع الرباط كقوة استقرار وشريك تنموي موثوق في إفريقيا.