الصحافة _ كندا
هيمنت الانتقادات اللاذعة لأداء الحكومة على أشغال اجتماع لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، الذي استمر إلى الساعات الأولى من صباح اليوم، خُصص لمناقشة عرض وزير الصحة والحماية الاجتماعية حول الوضع الراهن للمنظومة الصحية، في سياق تصاعد احتجاجات “جيل Z” وما رافقها من توتر اجتماعي غير مسبوق.
النواب المعارضون أجمعوا على أن الوضع لم يعد يحتمل التسويف، محملين الحكومة مسؤولية مباشرة عمّا يجري في الشارع.
مصطفى الإبراهيمي، عن مجموعة العدالة والتنمية، شدد على أن الاحتجاج السلمي حق دستوري لا يجوز المساس به، لكنه انتقد ما وصفه بـ”الفراغ الحكومي”، متسائلاً عن غياب رئيس الحكومة وتخفيه خلف بلاغات الأغلبية، رغم أن المسؤولية السياسية تقع على عاتقه.
كما أثار شبهة تضارب المصالح داخل الحكومة، مشيراً إلى وجود وزراء يملكون شركات أدوية، منتقداً بشدة ما اعتبره “صناعة للفساد” عبر الامتيازات الضريبية وصفقات مثل تحلية المياه، في وقت يواجه فيه الشباب البطالة والانسداد. وختم بدعوة صريحة للحكومة إلى إعلان استقالتها.
من جهتها، فاطمة التامني، عن فيدرالية اليسار، ذهبت أبعد من ذلك حين طالبت هي الأخرى باستقالة الحكومة بعد مأساة وفاة ثماني نساء حوامل في مستشفى أكادير، ووصفت ما يجري بالشارع بأنه دليل على “فشل ذريع” وانفصال كامل عن هموم المواطنين، مؤكدة أن المنظومة الصحية تعيش انهياراً شاملاً رغم توفر الإمكانيات.
بدورها، فدوى محسن، عن الفريق الحركي، ركزت على طول المواعيد الطبية التي قالت إنها تعكس عمق الاختلالات، معتبرة أن القطاع الصحي هو العمود الفقري للعدالة الاجتماعية، وأن الفشل المزمن وتجاهل تنبيهات البرلمانيين أوصل البلاد إلى ما تعيشه اليوم من احتقان خطير.
أما حسن لشكر، عن الفريق الاشتراكي، فاعتبر أن العرض الحكومي مجرد تجميع لإنجازات ورقية، لا يجيب عن الأسئلة الحارقة التي يطرحها المحتجون في الشارع.
وانتقد ما سماه “التملص من المسؤولية” وتجاهل وضعية الموارد البشرية الصحية التي وصفها بـ”الشرود”، متسائلاً عن جدوى المجموعات الصحية الترابية في ظل غياب رؤية واضحة.
الاجتماع، الذي جاء في أجواء سياسية واجتماعية مشحونة، كشف عن تصدع عميق بين الحكومة والمعارضة، وعمّق الإحساس بأن الشارع صار يسبق المؤسسات في التعبير عن نبض المغاربة.
فالمطالب الاجتماعية التي يرفعها جيل Z أعادت النقاش إلى جوهره: الحق في الصحة والتعليم والعيش الكريم، في مواجهة حكومة تبدو غارقة في تبرير السياسات بدل إيجاد حلول عملية ومستعجلة.
والسؤال الذي يفرض نفسه بعد هذه الجلسة الساخنة: هل تتحمل الحكومة مسؤوليتها وتعلن تغييرات ملموسة، أم تستمر في نهج الهروب إلى الأمام حتى ينفجر الوضع أكثر؟