الصحافة _ كندا
أطلق عبد الله ساعف، الوزير السابق والباحث في العلوم السياسية، صرخة قوية حذّر فيها من انحدار الحقل السياسي المغربي نحو ما وصفه بـ”الحد الأدنى من السياسة”، في مقابل تغوّل منطق الزبونية والانتهازية الاقتصادية.
ساعف، الذي كان يتحدث في ندوة فكرية خلال الملتقى الوطني التاسع عشر لشبيبة العدالة والتنمية، لم يُخفِ قلقه من تآكل المعنى السياسي في البلاد أمام انتشار ثقافة “الهمزات” والفرص السهلة وممارسات الريع، محذّرا من أن القيم الانتهازية باتت تهدد الأخلاق العمومية وتقوّض أسس العمل السياسي.
بنبرة لا تخلو من السخرية السياسية، اعتبر ساعف أن مشروع تنظيم كأس العالم 2030 يُقدَّم اليوم وكأنه “المشروع المجتمعي الأكبر”، بينما تغيب النقاشات الحقيقية حول العدالة الاجتماعية والنموذج التنموي ومستقبل السياسات العمومية، وكأن الحياة ستتوقف بعد 2030.
وفي تشخيصه للوضع الراهن، أكد أن المنظومة السياسية تعيش فراغًا قيميا خطيرا، حيث تراجعت المبادئ لتحل محلها سلوكيات الوصولية والانتهازية، داعيا إلى استعادة الاعتبار للأخلاق في السياسة كشرط أساسي لتجديد الثقة وضمان الاستقرار.
كما أوضح أن الحقل السياسي لم يعد موحدًا كما كان، بل انقسم بين من يحصر النقاش في اللغة والثقافة، ومن اختزل السياسة في الأعمال والصفقات، في حين تغيب الأسئلة الكبرى الجامعة التي يفترض أن توحّد النقاش العمومي.
بهذا التشخيص القاسي، رسم عبد الله ساعف صورة قاتمة عن المرحلة السياسية الراهنة، محذرًا من أن الزمن يضيق، وأن استمرار منطق “التبزنيس” والزبونية قد يقود البلاد إلى مزيد من فقدان المعنى السياسي، ما يستدعي تجديدًا عميقًا للثقافة السياسية وإعادة الاعتبار للأخلاق العمومية.