الصحافة _ كندا
عاد النقاش مجدداً حول ملف التفرغات النقابية بقطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بعد أن رفعت الوزارة أعداد المستفيدين برسم الموسم الدراسي الجديد 2025/2026، حيث تجاوز العدد الإجمالي 250 تفرغا.
الزيادة في عدد التفرغات جاءت رغم استبعاد إحدى النقابات التعليمية من الحوار القطاعي بسبب عدم تحقيقها العتبة المطلوبة، إلا أنها حصلت على عشرة تفرغات كاملة. خطوة أثارت استياءً واسعاً وسط الأساتذة والأطر التربوية، الذين يعتبرون أن هذه التفرغات تُمنح في غياب معايير شفافة، وتُجدَّد سنوياً لنفس الأشخاص، بما يجعلها أقرب إلى “ريع نقابي” دائم.
المثير للجدل أكثر أن عدداً من المستفيدين زوجات وأقارب مسؤولين ومنتخبين، من بينهم وزير سابق وبرلمانيون ورجال أعمال. هؤلاء يتقاضون رواتبهم كاملة من المال العام دون أي اقتطاع، رغم غيابهم عن الفصول الدراسية أو المهام الإدارية، وهو ما يعتبره المنتقدون هدراً للموارد في وقت يعاني فيه القطاع خصاصاً مهولاً في الأطر والتجهيزات.
حسب التقديرات، فإن كلفة هذه التفرغات تتجاوز 300 مليون سنتيم شهرياً، أي ما يعادل 3,5 مليار سنتيم سنوياً، تُصرف من ميزانية الدولة مقابل عمل نقابي لا يخضع لأي تقييم ولا لرقابة حقيقية. ويذهب بعض النقابيين إلى حد القول إن جزءاً من هذه التفرغات يُستغل لتأمين ولاءات انتخابية داخل النقابات نفسها مع اقتراب انتخابات اللجان الثنائية المقررة في يونيو 2026.
الوزارة كانت قد ربطت العام الماضي توزيع التفرغات بنتائج انتخابات ممثلي الموظفين، حيث منحت لكل نقابة حصة تساوي نصف المقاعد المحصل عليها من أصل 498 مقعداً. غير أن رفع “الكوطا” هذا الموسم، في غياب بلاغ رسمي واضح، أثار مزيداً من التساؤلات حول معايير التوزيع ودرجة الإنصاف بين النقابات.
في المقابل، يرى مراقبون أن استمرار هذا الوضع يُعمق أزمة الثقة داخل الجسم التعليمي، حيث تجمدت عضويات عدد من المنخرطين، بينما غادر آخرون نقاباتهم احتجاجاً على ما يعتبرونه “تحصيناً لامتيازات” فئة محدودة على حساب القاعدة العريضة من نساء ورجال التعليم.
ووسط هذا الجدل، يتجدد السؤال المركزي: هل التفرغ النقابي وسيلة لتعزيز العمل النقابي والدفاع عن الحقوق المهنية، أم أنه تحول إلى باب خلفي للامتيازات وتوزيع المنافع على المقربين؟