الصحافة _ كندا
في مقابلة تلفزيونية مشتركة على القناتين الأولى والثانية، قدّم رئيس الحكومة عزيز أخنوش ما وصفها بـ”الحصيلة الإيجابية والملموسة” لأربع سنوات من عمله. استعرض أرقامًا ضخمة عن ارتفاع الموارد المالية وتراجع العجز وتوسيع الحماية الاجتماعية، في محاولة لرسم لوحة وردية لمسار حكومته. لكن قراءة المعطيات الصادرة عن مؤسسات دولية وهيئات وطنية تكشف صورة أكثر تعقيدًا، بل وأكثر قسوة على الواقع الاجتماعي والاقتصادي.
أخنوش تحدث عن مضاعفة الموارد العادية من 229 مليار درهم سنة 2020 إلى 427 مليار درهم سنة 2025، وعن معدل نمو يفوق 4%، وانخفاض العجز إلى 3,5%. كما تباهى بكون 11 مليون شخص استفادوا من برامج الدعم الاجتماعي. غير أن هذه الأرقام، وإن كانت صحيحة من الناحية الحسابية، فإنها معزولة عن سياقها ولا تعكس الواقع الملموس لدى عموم المواطنين.
تقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، في المقابل، حذرت من هشاشة المالية العمومية، مشيرة إلى أن خدمة الدين تجاوزت 70% من الناتج الداخلي الخام، وهو مؤشر مقلق لا يتماشى مع صورة الاستقرار المالي التي حاول رئيس الحكومة الترويج لها. أما معدل النمو الذي تحدث عنه أخنوش (4,6%)، فتعتبره نفس المؤسسات الدولية ظرفيًا وغير قابل للاستدامة، حيث تتوقع أن لا يتجاوز المتوسط 3,3% في السنوات المقبلة.
الأكثر من ذلك أن المندوبية السامية للتخطيط أكدت استمرار معدل البطالة في حدود 12%، مع نسب أعلى بكثير لدى الشباب والنساء. وهو ما ينسف ادعاء الحكومة بخلق 600 ألف منصب شغل. فما جدوى هذه المناصب إذا لم تغيّر شيئًا في المؤشرات العامة؟
على المستوى الاجتماعي، يظل غلاء المعيشة أكبر امتحان فشلت الحكومة في تجاوزه. أسعار المواد الغذائية ارتفعت بأكثر من 7% في 2024، وفق بيانات رسمية، فيما القوة الشرائية للمغاربة لم تشهد أي تحسن يذكر. أما برامج الدعم المباشر التي تباهى بها أخنوش، فقد اعترفت المعارضة نفسها بأنها لم تصل بعد إلى جميع الأسر الهشة، وظلت تعاني من اختلالات في الاستهداف والتوزيع.
أما في قطاعي الصحة والتعليم، فلا تزال الأزمة قائمة: خصاص في الأطر والبنية التحتية، وضعف في جودة الخدمات، وهو ما يتناقض مع وعود الإصلاح التي رفعتها الأغلبية عند بداية ولايتها.
صحيح أن الحكومة حققت بعض التقدم في مجالات الفلاحة ومشاريع تحلية المياه، لكن هذه النجاحات القطاعية لا تكفي لتعويض ضعف الاستثمار الخاص وتباطؤ الاستهلاك الداخلي، ولا تلبي تطلعات المواطن البسيط الذي يبحث عن شغل كريم وسلة غذاء بأسعار معقولة.
بكلمة، قد تكون حصيلة أخنوش “إيجابية” على الورق وفي لغة الأرقام، لكنها تبقى “رمادية” في الواقع الملموس. فالرهان الحقيقي لم يُكسب بعد: رفع القدرة الشرائية وتقليص الفوارق الاجتماعية. وبينما يواصل رئيس الحكومة استعراض إنجازات حكومته، يواصل المواطن العادي مواجهة ثقل الغلاء والبطالة والخدمات العمومية المتعثرة.