الصحافة _ كندا
في خطوة وصفتها مصادر من داخل الزاوية القادرية البودشيشية بـ”الانقلاب الأبيض”، أعلن منير القادري بودشيش، مساء الثلاثاء، تنازله عن مشيخة الزاوية لصالح شقيقه معاذ القادري بودشيش، وذلك عبر بيان رسمي توصل به موقع “سفيركم”.
وجاء في البيان المنسوب إلى منير القادري: “أعلنُ لكم – محبّةً واحتسابًا – أنّي قد عزمتُ عزْمًا قاطعًا على التخلّي عن المشيخة، وأن أضعَ يدي في يدِ أخي معاذ القادري بودشيش، مُفَوِّضًا إليه أمرَ القيادةِ الظاهرة، راجيًا منكم أن تلتفّوا حوله التفافَ المحبّين الصادقين، وأن تُظهِروا من الأدبِ وحسنِ الظنّ عند اجتماعِكم على من حُمِّل الأمانة”، داعيًا مريدي الزاوية إلى استقبال القرار “بقلوب راضية محتسبة” وجعل همهم “دوام السند الروحي واستمرار العمل النافع”.
هذا القرار، الذي فاجأ المتتبعين للشأن الديني بالمغرب، جاء مخالفًا للتوقعات التي كانت ترشح منير القادري لتولي المشيخة خلفًا لوالده الراحل الشيخ جمال الدين، استنادًا إلى ما يعتبره مريدون “وصية روحية” تنتقل وفق تقاليد الزاوية من شيخ إلى شيخ، باعتبارها نقلًا للسر والبركة.
وبينما أكد بعض مسؤولي مجلس الطريقة صحة البيان، ذهبت مصادر أخرى من داخل الزاوية إلى نفي ذلك، مشيرة إلى أن منير القادري تعرض لضغوط قوية لحمله على التنازل. وتضيف هذه المصادر أن الأمر يرتبط بتكليف معاذ القادري بإدارة المشيخة من الناحية المالية والإدارية، دون أن يعني ذلك بالضرورة قيادة الزاوية روحياً، مع اشتراط تخلي منير عن فريق العمل المحيط به، وهو ما يثير تحفظات بعض المقربين من معاذ.
وفي نص البيان، أوضح منير القادري: “وقد شهد الله عليَّ أنّي ما حملني على هذه الكلماتِ إلا خوفُ التشرذم، وحرصُ المحبِّ على سلامةِ السفينة، وما كان مقصدي يومًا إلا وجهَ الله وخدمةَ هذه الزاوية الذي توارثناها عن مشايخِنا العظام”. وأضاف: “إنّ المشيخةَ عندَنا تكليفٌ لا تشريف، وميزانُها الإخلاصُ والعبءُ فيها ثقيل، وما كان لله دام واتّصل، وما كان لغيرِ الله انقطعَ وانفصل. وقد رأيتُ – بعد توكّلي على الله وإستخارته ومناجاته – أنّ حفظَ وحدةِ الأسرةِ والطريقةِ أوجبُ عندي من كلِّ اعتبارٍ آخر”.
كما ختم وصيته لمريدي الزاوية بالدعوة إلى نبذ الخلافات، قائلاً: “أن تكفّوا الألسنَ عن الجدال، وأن تُغلِقوا أبوابَ التأويلاتِ والظنون، وألّا تُدخِلوا إلى هذا البيتِ الطاهر حديثًا في الأشخاصِ ولا ذكرًا للعوائدِ والأهواءِ؛ فطريقُنا أدبٌ وسترٌ ووفاء”.
واختتم البيان بالقول: “أضعُ اليومَ أمانتي بين يدَي أخي معاذ، وأضعُ نفسي بين يدَي الله خادمًا لهذا السرِّ، مُعاونًا على ما يُقيمُ أمرَ الطريق، مُقِلًّا من القولِ مُكثِرًا من الدعاءِ والعمل”.
قرار منير القادري، سواء كان نابعا من إرادة شخصية أو نتيجة ضغوط، يفتح صفحة جديدة في تاريخ الزاوية القادرية البودشيشية، وسط تساؤلات عن التوازنات الداخلية التي تحكم هذه المؤسسة الدينية المؤثرة، وعن الدور الذي سيلعبه الشيخ الجديد معاذ في المرحلة المقبلة.