الصحافة _ كندا
تتحول مواسم “الأولياء الصالحين” في عدد من المدن المغربية كل صيف إلى مواعيد كبرى تحرك عجلة الاقتصاد المحلي، وتستقطب ملايين الزوار، في مشهد يجمع بين الطقوس الدينية، والفولكلور الشعبي، والفرجة، والسياحة الموسمية.
من أبرز هذه التظاهرات، موسم مولاي عبد الله أمغار بجماعة مولاي عبد الله بإقليم الجديدة، الذي يعد من أضخم المهرجانات الشعبية في المملكة. الحدث، الذي ينتظر سكان المنطقة تنظيمه بفارغ الصبر، يمثل بالنسبة لهم فرصة نادرة للانتعاش الاقتصادي في ظل محدودية الأنشطة المدرة للدخل على مدار السنة. ووفق تصريح مولاي المهدي الفاطمي، رئيس الجماعة، يُرتقب أن يستقبل الموسم هذا العام أكثر من خمسة ملايين زائر، بفضل برمجته الغنية بعروض التبوريدة والصقارة والندوات الدينية والمعارض التجارية.
ولا يقتصر أثر هذه المواسم على النشاط التجاري المحلي، بل يمتد إلى تحريك قطاع السياحة، حيث يرتفع الطلب على الإيواء الفندقي والكراء اليومي، وتنتعش المطاعم وخدمات النقل، مع تدفق الزوار من مختلف مناطق المغرب وخارجه. وتعرف مدن مثل زرهون، وفاس، وتيزنيت، وقرى أخرى تحتضن مواسم المولى إدريس الأكبر أو الشيخ ماء العينين، دينامية مشابهة تجمع بين التقاليد الدينية والتراث الثقافي.
غير أن هذا الزخم يقابله جدل متجدد، إذ ينتقد معارضون ما يعتبرونه “تسليعاً للدين” واستغلالاً لرمزية الأولياء الصالحين لأغراض تجارية وسياحية، بل ويتهمون السلطات بدعم ورعاية أنشطة تمنح “القداسة” لمن لا يجوز له ذلك، على حد تعبيرهم. ويطرح هؤلاء تساؤلات حول حدود المزج بين الموروث الروحي والمردود الاقتصادي، وحول ما إذا كانت هذه المواسم تحافظ على روحها الدينية الأصيلة، أم أنها تحولت إلى منصات تجارية مغطاة بغطاء ديني.
وفيما يرى مؤيدو هذه التظاهرات أنها تحافظ على التراث وتدعم الاقتصاد المحلي، يصر المنتقدون على أن الأمر يحتاج إلى مراجعة عميقة لضمان أن تبقى هذه المواسم فضاءً للثقافة والروحانية، بعيداً عن الاستغلال المفرط للدين.