الصحافة _ كندا
رغم اقتراب حكومة عزيز أخنوش من طي سنتها الرابعة، ما تزال أربع وزارات سيادية تدار بكتاب عامين بالتكليف، في مشهد يطرح أسئلة سياسية عميقة حول خلفيات هذا التردد في التعيين الدائم، وتداعياته على شفافية التدبير وعقلنة السلطة داخل القطاعات الحكومية.
الوزارات المعنية—الاقتصاد والمالية، التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، النقل واللوجستيك، ثم الشباب والثقافة والتواصل—تسير، منذ شهور طويلة، بإدارات مركزية يقودها مسؤولون مؤقتون يتحركون في الظل، بلا محاسبة مؤسساتية حقيقية، ولا رقابة ناتجة عن مباراة أو مسار انتقاء شفاف.
في وزارة الشباب والثقافة والتواصل، لا يزال المهدي بنسعيد محتفظًا بصلاح الدين العبقري ككاتب عام بالنيابة، دون أفق واضح لفتح باب التباري، رغم مرور سنوات على تكليفه. وضعية مشابهة تسود داخل وزارة المالية، التي ما زال منصب الكاتب العام شاغرًا منذ مغادرة نبيل الأخضر، وسط رفض مستمر لأسماء جديدة مقترحة خارج الدائرة الضيقة للوزيرة نادية فتاح، رغم ضغط النقابات وخطابات الإصلاح.
أما في وزارة التربية الوطنية، فلا يزال محمد برادة متمسكًا بلحسن قوضاض، أحد أعمدة “البيروقراطية القديمة”، ما يعكس استمرار نمط تقليدي في تدبير الإدارة المركزية، بعيدًا عن دينامية التحديث أو التداول.
وراء هذه الحالات، تكشف كواليس الوزارات عن مشهد آخر أكثر تعقيدًا: استثمار مفضوح في استمرار “الفراغ القانوني”، حيث تحول بعض أعضاء الدواوين إلى وسطاء نفوذ ووسطاء صفقات، يتقنون لعبة التوازنات والمصالح، ويستفيدون من هامش المناورة الذي يوفره غياب تعيينات رسمية. بل تشير بعض المعطيات إلى أن عضوًا في ديوان أحد الوزراء بات يتحكم فعليًا في مسار بعض الصفقات والإجراءات الحساسة، رغم أنه كان قبل سنوات قليلة خارج الحقل الإداري بالكامل.
في مقابل هذه الانزلاقات، تؤكد مصادر من داخل بعض الوزارات وجود أطر نزيهة تشتغل بصمت وتفانٍ، ترفض منطق “التحكم بالنيابة”، وتدافع عن فكرة الخدمة العمومية وربط المسؤولية بالمحاسبة.
الأسئلة المطروحة اليوم لم تعد تقنية، بل سياسية بامتياز: من يرفض تعيين كتاب عامين دائمين؟ ولماذا يصر البعض على استمرار الوضع الرمادي؟ وهل نحن أمام نمط جديد من “التحكم الإداري”، الذي يجعل من التكليف الدائم أداة لضمان الولاء والهيمنة الصامتة داخل دواليب الحكومة؟