الصحافة _ كندا
في خطوة تعكس تغييراً عميقاً في قواعد اللعبة الاستخباراتية بالمنطقة، شرع المغرب في اقتناء أقمار صناعية متقدمة من طراز “أوفيك 13” الإسرائيلية، معتمداً على تكنولوجيا الرادار ذي الفتحة الاصطناعية (SAR)، ليدخل بذلك نادي القوى الإقليمية التي لا تراقب من الأرض فقط، بل تتحكم وتُخطط من الفضاء.
هذه القفزة الاستراتيجية تأتي بعد سنوات من اعتماد الرباط على القمرين الصناعيين “محمد السادس – أ” و”ب”، اللذين شكلا بداية تجربة رائدة في مجال مراقبة الأرض، غير أن تحالف المغرب الجديد مع الصناعات الجوية الإسرائيلية يمنحه تفوقًا نوعيًا يُعيد رسم الخريطة الاستخباراتية المغاربية برمتها، في ظل عدم امتلاك الجزائر لتقنية تضاهي ما توفره منظومة “أوفيك 13”.
وتُمكن هذه الأقمار المتطورة المغرب من مراقبة حدوده بشكل دائم، والتجسس الليلي والنهاري في كل الظروف الجوية، ورصد التحركات العسكرية والأنشطة غير المشروعة في الساحل والصحراء. كما تقدم دعماً مباشراً للقيادة العسكرية في تخطيط العمليات ورصد الخسائر، ما يمنح الرباط تفوقاً استخباراتياً لافتاً وغير مسبوق.
لكن هذا التفوق لا يخلو من تحديات، على رأسها تكلفة المشروع التي تناهز مليار دولار، وحاجة المغرب إلى كفاءات بشرية عالية لتفسير وتحليل الصور والبيانات المعقدة، وهي ثغرة يعمل على سدّها بتعاون تقني وتكويني مكثف مع الجانب الإسرائيلي.
في خلفية هذا التحول، تقرأ الأوساط العسكرية في باريس وواشنطن ارتباكاً واضحاً: المغرب، الذي كان شريكاً تقليدياً لأوروبا، أصبح اليوم أكثر ميلاً نحو تحالفات أمنية خارجة عن المألوف. صفقة الأقمار الصناعية لم تكن مجرد عملية تسلح، بل كانت إعلاناً صامتاً عن نهاية مرحلة من التبعية الاستراتيجية وبداية أخرى من الاستقلال المعلوماتي.