الصحافة _ كندا
تعيش الساحة الدفاعية المغربية على وقع سباق محموم بين اثنتين من أكبر الشركات المصنعة للطائرات العسكرية في العالم، Embraer البرازيلية وLockheed Martin الأمريكية، للفوز بصفقة ضخمة لتزويد سلاح الجو الملكي المغربي بطائرات نقل عسكري تتجاوز قيمتها 600 مليون دولار، في واحدة من أبرز المحطات الاستراتيجية في مسار تحديث القوات الجوية المغربية.
في البداية، بدت الكفة راجحة لصالح Embraer، التي طرحت طائرتها المتطورة C-390 Millennium، المدعومة بسجل عملياتي ناجح في عدد من الدول، وبتكنولوجيا قادرة على التكيف مع البيئات الوعرة والمهام المتعددة، ما جعلها خيارًا واعدًا لتلبية متطلبات المغرب في مجال النقل والدعم اللوجستي.
لكن الولايات المتحدة لم تتأخر في التدخل، مدفوعة بعوامل تتجاوز المعايير التقنية. فقد دخلت Lockheed Martin على خط الصفقة بعرض جديد لطائرتها C-130J Super Hercules، مرفوقًا بحشد دبلوماسي أمريكي تقوده وزارة الخارجية، في محاولة لقطع الطريق على البرازيل ومنع تسلل نفوذها الصناعي الدفاعي إلى شمال إفريقيا، وخاصة إلى المغرب، الحليف غير العضو في حلف الناتو.
وتُظهر هذه المنافسة بوضوح كيف تتحول الصفقات الدفاعية إلى أدوات لإعادة رسم التوازنات الجيوسياسية، حيث يسعى المغرب، منذ سنوات، إلى تنويع مصادر تسليحه، دون القطع مع شركائه التقليديين، في محاولة لتحقيق الاستقلالية الاستراتيجية، وتعزيز قدراته في منطقة تعيش سباق تسلح محموم وتوترات إقليمية متصاعدة.
المفارقة أن المغرب ليس بصدد اختيار طائرة فقط، بل هو بصدد تحديد شكل اصطفافه الدولي المقبل، وتحديد معادلة دقيقة بين الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة التي تقدمها Embraer، وبين الحفاظ على الامتيازات اللوجستية والتحالفات العميقة التي تمثلها Lockheed Martin.
صفقة الطائرات المنتظرة، إن تم الحسم فيها، لن تكون مجرد صفقة نقل عسكري، بل ستشكل محطة مفصلية في مسار تموقع المغرب العسكري والجيوسياسي، وتعبيرًا صريحًا عن خياراته السيادية في زمن تتقاطع فيه مصالح القوى الكبرى فوق أجواء شمال إفريقيا.