الصحافة _ كندا
في خطوة أعادت الجدل إلى الواجهة، عادت رئيسة جهة كلميم واد نون، مباركة بوعيدة، لتوقيع اتفاقية قرض خارجي جديدة، هذه المرة بقيمة 25 مليون يورو، مع الوكالة الفرنسية للتنمية، وسط تساؤلات حادة عن قانونية المسطرة، وغياب التداول المؤسساتي داخل مجلس الجهة، كما ينص عليه القانون التنظيمي المتعلق بالجهات.
بوعيدة، التي سبق أن وُجهت لها انتقادات لاذعة بسبب ما اعتبره خصومها السياسيون “تفردًا في اتخاذ قرارات استراتيجية”، اختارت باريس لتوقيع الاتفاقية مع المدير العام للوكالة، ريمي ريو، بعيداً عن أعين المجلس والرأي العام المحلي، في سيناريو يعيد إلى الأذهان اتفاقيات مماثلة تم تمريرها سابقاً بـ”منطق الأمر الواقع”.
الاتفاق الأخير لا يقتصر فقط على قرض تنموي، بل يتضمن أيضًا مساعدة تقنية بقيمة مليون يورو، موجهة لدعم القدرات المؤسساتية للجهة، في إطار ما يتم تسويقه على أنه مشروع استثماري شامل للفترة 2022-2027. غير أن المعارضة ترى في ذلك “واجهة دبلوماسية” تغلف عمليات استدانة ثقيلة لم يُعرف لها سقف أو خريطة إنفاق دقيقة.
مصادر من داخل المجلس لم تُخفِ قلقها من ما وصفته بـ”النهج الأحادي” للرئيسة، التي باتت، بحسب تعبير أحد المنتخبين، “تُدير الشأن الجهوي كأنها صاحبة أسهم في شركة، لا كرئيسة منتخبة يفترض بها احترام المساطر، وإشراك المجلس في القرارات الكبرى”.
اللافت أن هذه الاتفاقية الجديدة تأتي في سياق استمراري لما سبق، حيث أثارت اتفاقية سابقة سنة 2023 بقيمة 12 مليون يورو موجة من الغضب، بعدما كشف عضو المعارضة محمد أبودرار أنها مرت دون أي تداول رسمي، وأن “الرئاسة تضع المنتخبين أمام قرارات جاهزة، لا مجال لنقاشها أو تعديلها”.
وبينما تؤكد بوعيدة على أن القرض موجّه لدعم البنيات التحتية وتعزيز الخدمات الاجتماعية، تُصر المعارضة على أن الغموض يلفّ طبيعة المشاريع الممولة، وجدولة الأداء، وهوية الجهات المنفذة، معتبرة أن هذه الاتفاقيات قد تتحول إلى عبء مستقبلي كبير على مالية الجهة، إذا لم تحكمها الشفافية والرقابة المؤسساتية.
أما توقيت التوقيع، الذي جاء بعد حوالي تسعة أشهر من إعلان نوايا سابق، فهو بالنسبة للمراقبين دليل على أن التحضير جرى بهدوء بعيداً عن النقاش المؤسساتي، فيما ظل المجلس ومكونات المجتمع المحلي آخر من يعلم.
وهكذا، تتكرّر الصورة: اتفاقيات توقع خارج المغرب، بعيدة عن جلسات التداول، وقروض تُراكم على ميزانية الجهة دون وضوح في الرؤية أو ضوابط في التنفيذ. فهل تتحوّل كلميم من جهة فقيرة للموارد إلى “جهة مرهونة” للمؤسسات الدولية؟ أم أن الصمت سيبقى سيد الموقف أمام ما تصفه المعارضة بـ”نزعة الاستفراد واستسهال الديون”؟