الصحافة _ كندا
في خطوة حاسمة لإنقاذ القطيع الوطني وتحسين أوضاع مربي الماشية، أطلقت الحكومة المغربية، بتوجيهات ملكية سامية، برنامجا استثنائيا يروم إعادة بناء الثروة الحيوانية على أسس مستدامة ومهنية، مع ضمان الإنصاف والشفافية في التوزيع. ويأتي هذا البرنامج الجديد في سياق جهود حكومية متواصلة لتعزيز أثر التساقطات المطرية الأخيرة وتدارك التداعيات الهيكلية التي فاقمها الجفاف وتراجع الإنتاج.
البرنامج، الذي تشرف عليه وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، يرتكز على حزمة من الإجراءات المتكاملة، تمثل استجابة عملية وملموسة لنداءات الكسابين عبر مختلف جهات المملكة. في مقدمته، تُخصص الدولة غلافا ماليا يناهز 700 مليون درهم لإعادة جدولة ديون ما يفوق 50 ألف مربي، عبر إلغاء نصف الديون التي تقل عن 100 ألف درهم، وإعفاءات جزئية أو جدولة مرنة للديون الأكبر، في ما يُعد متنفساً حقيقياً للفئات الهشة.
كما تضخ الحكومة ما يقارب 2.5 مليار درهم لدعم أسعار الشعير والأعلاف المركبة، مما سيتيح للمربين التزود بالمواد الأساسية بأسعار تنافسية خلال الفترات الحرجة. ومن جهة أخرى، يرتكز البرنامج على استراتيجية دقيقة للحفاظ على إناث الأغنام والماعز، عبر تعميم عملية الترقيم ومنح دعم مباشر يقدر بـ 400 درهم للرأس الواحدة، شريطة عدم ذبحها، في خطوة تهدف لحماية الرصيد الحيواني وتعزيز التناسل في القطيع.
ولم تغفل الحكومة الجانب الصحي، حيث تم إطلاق حملة وطنية واسعة لتلقيح وعلاج 17 مليون رأس ماشية، بميزانية تصل إلى 150 مليون درهم، موازاة مع إطلاق مشاريع للتأطير التقني وإنشاء منصات حديثة للتلقيح الاصطناعي، في أفق تحسين السلالات ورفع الإنتاجية، بكلفة تقدر بـ 50 مليون درهم.
وبحلول نهاية 2025، تتوقع الوزارة أن يصل إجمالي الكلفة المالية لهذا البرنامج إلى 3 مليارات درهم، إضافة إلى 3.2 مليار درهم أخرى مبرمجة لسنة 2026، ستُوجه مباشرة للمربين الذين يلتزمون بالحفاظ على إناث القطيع. أما على مستوى الحكامة، فقد تم تكليف لجان محلية، بتنسيق مباشر مع وزارة الداخلية، بالسهر على تنزيل وتدبير الدعم وفق دورية مشتركة تضمن النجاعة والعدالة الترابية في الاستفادة.
بهذا النفس الجديد، تفتح الحكومة أفقاً استراتيجياً لإنعاش قطاع حيوي ظل لسنوات يعاني من هشاشة بنيوية، وتبعث برسالة قوية مفادها أن الأمن الغذائي يبدأ من المراعي، وأن الكساب المغربي ليس وحده في المعركة.