الصحافة _ كندا
لا يمكن قراءة الحضور الانتقائي لفاطمة الزهراء المنصوري، عمدة مراكش وعضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، في الفعاليات الرياضية الأخيرة، بمعزل عن السياق السياسي والتنظيمي الذي يعيشه الحزب، ولا عن التحولات الجارية في الفضاء الرياضي الوطني.
غيابها اللافت عن النسخة الخامسة والثلاثين لماراثون مراكش الدولي، وعن نهائي جائزة الحسن الثاني الكبرى للتنس، المنظمين تحت رعاية ملكية، يقابله حرص واضح على التواجد في احتفالات صعود فريق الكوكب المراكشي، في لحظة محلية مشحونة بالعاطفة الجماهيرية والانتماء الكروي. هذا الحضور ليس تفصيلاً بروتوكوليًا، بل مؤشر على اختيار واعٍ لمساحات التفاعل الجماهيري، ومسعى لإعادة تشكيل الصورة السياسية في الذاكرة الشعبية للمدينة.
كرة القدم، بما تتيحه من شعبية واهتمام مجتمعي واسع، لم تعد ساحة تنافس رياضي فقط، بل باتت أرضًا خصبة للاستثمار الرمزي والسياسي، خصوصًا في ظل مرحلة دقيقة تتقاطع فيها الاستعدادات التنظيمية للأحزاب مع توقعات التغيير في هياكل كبرى، من بينها رئاسة الجامعة الملكية لكرة القدم والعصب الجهوية.
في هذا السياق، يندرج انخراط “البام” في الدينامية الكروية المحلية، كخيار استراتيجي يواكب تحركات شخصيات أخرى سبق أن رسخت حضورها في هذا الميدان، مثل فوزي لقجع وسعيد الناصيري. غير أن ما يميز تموقع المنصوري هو نزعتها الصامتة المدروسة، وتوجيهها الرمزي نحو الجماهير المراكشية من خلال الكوكب، في مدينة لها ذاكرة رياضية وجماهيرية متجذرة.
الصراع المقبل على مواقع النفوذ في المؤسسات الرياضية الكبرى بدأ فعليًا، لا عبر التصريحات أو البلاغات، ولكن من داخل الملاعب والمدرجات والاحتفالات الرمزية. وهنا، يبدو أن حزب الأصالة والمعاصرة قرر أن لا يبقى متفرجًا.
ما يجري في مراكش ليس حركة عفوية، بل جزء من لوحة أكبر تُرسم بدقة، على إيقاع كرة القدم، وبعيون مفتوحة على رهانات 2026.